ففي هذين الحديثين دلالة على عدم قتل الكلاب إلا الأسود البهيم؛ لذلك لا تقتل غير الأسود البهيم، ويقتل الأسود البهيم؛ لأن الأمر بقتله جاء مقروناً مع النهي عن قتل غيره (١).
الراجح
بعد عرض الأقوال في المسألة وأدلتها، يظهر لي- والله أعلم الصواب- أن الراجح هو نسخ الأمر بقتل الكلاب إلا الأسود البهيم، فإن الأمر بقتله لم ينسخ؛ لذلك لا تقتل الكلاب التي لا ضرر فيها إلا الأسود البهيم، فإنه يقتل-كما هو القول الثالث-؛ وذلك لما يلي:
أولاً: لأن الأحاديث التي سبق ذكرها في دليل القول بالنسخ تدل على أن النهي عن قتل الكلاب جاء من النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد الأمر بقتلها، لذلك يكون هذا النهي ناسخاً لذلك الأمر كما سبق بيانه.
ثانياً: إن الكلب الأسود كان يشمله الأمر بقتل الكلاب، فلما جاء النهي عن قتلها لم يشمله هذا النهي، بل جاء معه الأمر بقتله، فهو مستثنى
(١) انظر: المغني ٦/ ٣٥٥، ٣٥٦؛ المنهاج شرح صحيح مسلم ٦/ ٨٠.