للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحكم بن كيسان (١)، مولى هشام بن المغيرة، فلما رآهم القوم هابوهم، وقد نزلوا قريباً منهم، فأشرف لهم عكاشة بن محصن، وقد كان حلق رأسه، فلما رأوه أمنوا، وقالوا: عُمّار، فلا بأس علينا منهم، وتشاور القوم فيهم، وذلك في آخر يوم من جمادى، فقال القوم: لئن تركتم القوم هذه الليلة ليدخلن الحرم فليمتنعن به منكم، ولئن قتلتموهم لتقتلنهم في الشهر الحرام. فتردد القوم فهابوا الإقدام عليهم، ثم شجعوا عليهم، وأجمعوا على قتل من قدروا عليه منهم، وأخذ ما معهم، فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله، واستأسر عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان، وأفلت نوفل بن عبد الله فأعجزهم. وقدم عبد الله بن جحش وأصحابه بالعير والأسيرين، حتى قدموا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة. وقد ذكر بعض آل عبد الله بن جحش: أن عبد الله بن جحش قال لأصحابه: إن لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- مما غنمتم الخمس، وذلك قبل أن يفرض الخمس من الغنائم. فعزل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- خمس العير، وقسم سائرها على أصحابه، فلما قدموا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام» فوقف العير والأسيرين، وأبى أن يأخذ من ذلك شيئاً، فلما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك سُقط في أيدي القوم، وظنوا أنهم قد هلكوا، وعنفهم المسلمون فيما صنعوا، وقالوا لهم: صنعتم ما لم تؤمروا به، وقاتلتم في الشهر الحرام ولم تؤمروا بقتال، وقالت قريش: قد استحل محمد وأصحابه


(١) هو: الحكم بن كيسان، مولى هشام بن المغيرة المخزومي، والد أبي جهل، أسره المسلمون، ثم أسلم، وقتل شهيداً ببئر معونة. انظر: الإصابة ١/ ٣٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>