للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشهر الحرام، فسفكوا فيه الدم، وأخذوا فيه الأموال وأسروا. وقالت يهود تتفاءل بذلك على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: عمرو بن الحضرمي قتله واقد بن عبد الله، عمرو: عمرت الحرب، و الحضرمي: حضرت الحرب، وواقد بن عبد الله: وقدت الحرب. فجعل الله عليهم ذلك، وبهم. فلما أكثر الناس في ذلك أنزل الله جل وعز على رسوله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} أي عن قتال فيه، {قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} إلى قوله: {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} أي إن كنتم قتلتم في الشهر الحرام فقد صدوكم عن سبيل الله مع الكفر به، وعن المسجد الحرام، وإخراجكم عنه، إذا أنتم أهله وولاته، أكبر عند الله من قتل من قتلتم منهم، {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} أي قد كانوا يفتنون المسلم عن دينه حتى يردوه إلى الكفر بعد إيمانه، وذلك أكبر عند الله من القتل، {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} أي هم مقيمون على أخبث ذلك وأعظمه، غير تائبين ولا نازعين. فلما نزل القرآن بهذا من الأمر، وفرج الله عن المسلمين ما كانوا فيه من الشفق، قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العير والأسيرين) (١).


(١) ذكره ابن هشام في السيرة النبوية ١/ ٦٠١ - ٦٠٤، وأخرجه الطبري في جامع البيان ٢/ ١١٦٥، وأخرج نحوه الحازمي في الاعتبار ص ٤٩٨ - ٥٠٠ - موقوفاً على محمد بن إسحاق-. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٩/ ٢١ - مختصراً-. قال الحازمي بعد ذكره: (هذا الحديث وإن كان ابن إسحاق رواه منقطعاً فإن له أصلاً في المسند، وهو مشهور في المغازي متداول بين أهل السيرة، ورواه الزهري عن عروة نحوه، وهو من جيد مراسيل عروة، غير أن حديث ابن إسحاق أتم، وإن صح الحديث فهو من قبيل نسخ السنة بالكتاب).

<<  <  ج: ص:  >  >>