للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (١).

واعترض عليه: بأنه إن أريد بحديث بريدة -رضي الله عنه- وما في معناه، وجوب الدعوة مطلقاً، فيكون ذلك منسوخاً، كما سبق بيانه في وجه الاستلال على النسخ.

لكن يمكن أن يكون تلك الأحاديث في حق من لم تبلغه الدعوة، وعليه فلا يصار إلى القول بالنسخ؛ لأنه إنما يصار إليه عند عدم إمكان الجمع بين الأدلة المختلفة، وفي هذه المسألة يمكن الجمع بين الأحاديث الواردة فيها؛ وذلك بحمل ما يدل على الدعوة لمن لم تبلغهم الدعوة. وحمل ما يدل على ترك الدعوة، لمن بلغته (٢).

هذا كان قول من قال بالنسخ، ودليله.

وقد اختلف أهل العلم في دعوة المشركين قبل قتالهم على قولين:

القول الأول: إن من لم تبلغهم دعوة الإسلام فإنه يجب دعوتهم قبل القتال، ومن بلغتهم الدعوة فيباح قتالهم بلا تكرار الدعوة لكن تستحب دعوتهم قبل بدء القتال.

وهو مذهب الحنفية (٣)، والشافعية (٤)، والحنابلة (٥)، وقول


(١) انظر: بداية المجتهد ٢/ ٧٤٧؛ الاعتبار ص ٤٨٨ - ٤٩١؛ رسوخ الأحبار ص ٤٩٦.
(٢) انظر: الاعتبار ص ٤٩٢؛ رسوخ الأحبار ص ٤٩٦.
(٣) انظر: الآثار لمحمد بن الحسن ٢/ ٨٢٤؛ شرح معاني الآثار ٣/ ٢١٠؛ المبسوط للسرخسي ١٠/ ٣٢؛ بدائع الصنائع ٦/ ٦١، ٦٢؛ الهداية وشرحه فتح القدير ٥/ ٤٤٤، ٤٤٥.
(٤) انظر: المهذب وشرحه تكملة المجموع ٢١/ ١٠١ - ١٠٣؛ البيان ١٢/ ١٢٠، ١٢١؛ الاعتبار ص ٤٩٠؛ العزيز ١١/ ٣٨٠؛ روضة الطالبين ص ١٨٠١؛
(٥) انظر: المغني ١٣/ ٢٩، ٣٠؛ الشرح الكبير ١٠/ ١٢٨؛ الفروع ١٠/ ٢٣٦؛ الإقناع ٢/ ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>