ب- إن تجويز علي، وخالد بن الوليد-رضي الله عنهما- التحريق بالنار معارض بمنع عمر، وابن عباس-رضي الله عنهم-، وقد أنكر ابن عباس-رضي الله عنهما-على علي -رضي الله عنه- تحريقه للمرتدين بالنار، لما بلغه ذلك، كما سبق ذكره.
الراجح
الذي يتبين لي- والله أعلم بالصواب- أن الراجح هو القول الأول، وهو عدم جواز تحريق العدو بالنار إذا أسر وظفر به، وذلك لما يلي:
أولاً: لأن أدلة هذا القول مع صحتها صريحة في النهي عن التحريق بالنار، وأنه لا يعذب بالنار إلا رب النار.
أما أدلة القول المخالف له فمنها ما هو صحيح ومرفوع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، لكنه يحتمل أكثر من احتمال. ومنها ما هو عمل صحابي، وهو لا يقوى على معارضة أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم هو معارض بقول صحابي آخر (١).
ثانياً: ولأن قول من قال بنسخ ما يدل على جواز التحريق والتعذيب بالنار، قول صحيح، وله وجه؛ لأن الأحاديث الدالة على تحريم التحريق بالنار معها ما يدل على تأخرها على ما يدل على جواز التحريق بالنار، كما سبق بيانه؛ لذلك تكون أحاديث النهي ناسخة لما