للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إما أنه نسي ما رواه، أو أنه اعتقد ندبية السبع لا وجوبها، أو غير ذلك فلا يتعين النسخ، وإذا أمكن أن تكون المخالفة عن رأي واجتهاد، وهو مأجور مغفور، فالعبرة حينئذ لما روى لا لما رأى؛ فإن ما رواه ثابت عن قائل معصوم، وما روي عنه ثابت عن قائل غير معصوم (١).

خامساً: أنه لو صح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- خلاف ما رواه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقد رواه من الصحابة غير أبي هريرة كابن عمر وعبد الله بن المغفل (٢) - رضي الله عنهم- وهم لم ينقل عنهم مخالفة لما رووه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- (٣)، بل جاء عن بعضهم القول موافقًا لما رووه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- منهم ابن عمر -رضي الله عنه- (٤). فلا يكون مخالفة فتياه قادحة في مروي غيره (٥).

الوجه الثاني من وجهي النسخ: أن مع رواية السبع قرينة تدل على أنه كان في أول الأمر حين كان التشديد في أمر الكلاب، قالوا: (إن


(١) انظر: التنبيه على مشكلات الهداية ١/ ٣٦٥؛ نيل الأوطار ١/ ٣٤.
(٢) هو: عبد الله بن مغفل بن عبد نهم بن عفيف، المزني، أبو سعيد، شهد بيعة الشجرة، وروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وروى عنه: الحسن البصري، وثابت البناني، وغيرهما. وكان أحد العشرة الذين بعثهم عمر ليفقهوا الناس بالبصرة، وتوفي سنة تسع وخمسين، وقيل: سنة ستين. انظر: الإصابة ١/ ٣٧٢؛ تهذيب التهذيب ١/ ٣٩.
(٣) انظر المحلى ١/ ١٢٤. وسيأتي تخريج ما رواه ابن عمر -رضي الله عنه- في دليل القول الثالث، وما رواه عبد الله بن المغفل في دليل القول الخامس.
(٤) انظر قوله في مصنف ابن أبي شيبة ١/ ١٥٩.
(٥) انظر: نيل الأوطار ١/ ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>