للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالبيع، فأبي الرجل أن يدفعه إليه، فقال: بيني وبينك أبو برزة صاحب النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأتيا أبا برزة في ناحية العسكر، فقالا له هذه القصة، فقال: أترضيان أن أقضي بينكما بقضاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا» (١).

ووجه الاستدلال من هذه الأدلة ظاهر؛ حيث إنها تدل نصاً على أن كل واحد من المتبايعين بالخيار في فسخ البيع ما لم يتفرقا إلا أن يختارا البيع (٢).

واعترض عليه بما يلي:

أولاً: إن المراد بالتفرق في هذه الأحاديث التفرق بالأقوال، فإذا قال البائع: قد بعت منك، وقال المشتري: قد قبلت، فقد تفرقا، وإطلاق التفرق على التفرق بالأقوال وارد في الشرع كما في قوله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (٣)،


(١) أخرجه أبو داود في سننه ص ٥٢٦، كتاب البيوع، باب في خيار المتبايعين، ح (٣٤٥٧)، وابن ماجة في سننه ص ٣٧٥، كتاب البيوع، باب البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، ح (٢١٨٢)، والشافعي في الأم ٣/ ٤، وأحمد في المسند ٣٣/ ٤٨، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ١٣، والدارقطني في سننه ٣/ ٦، والبيهقي في السنن الكبرى ٥/ ٤٤٣. قال المنذري في مختصر سنن أبي داود ٥/ ٩٦: (رجال إسناده ثقات). وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود ص ٥٢٦.
(٢) انظر: الأم ٣/ ٤، الحاوي ٥/ ٣١ - ٣٣؛ المغني ٦/ ١٠، ١١؛ المنهاج شرح صحيح مسلم ٦/ ٢٣؛ فتح الباري ٤/ ٣٩٧.
(٣) سورة آل عمران، الآية (١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>