للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خامساً: عن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} كان الرجل يحالف الرجل، ليس بينهما نسب، فيرث أحدهما الآخر، فنسخ ذلك الأنفال، فقال: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [سورة الأنفال: ٧٥] (١).

سادساً: عن ابن عباس-رضي الله عنها- قوله: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} فكان الرجل يعاقد الرجل أيهما مات ورثه الآخر، فأنزل الله: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا} [سورة الأحزاب: ٦]. يقول: إلا أن يوصوا لأوليائهم الذين عاقدوا وصية فهو لهم جائز من ثلث مال الميت، وذلك هو المعروف (٢).

فهذه الأدلة تدل على أنه كان الرجل في أول الإسلام يتوارث بالمعاقدة والحلف والإخاء، ثم نسخ الله ذلك وجعل التوارث بالرحم والنسب والقرابة، وبقي للأولياء والحلفاء فعل المعروف من النصر والرفادة والنصيحة والوصية (٣).


(١) أخرجه أبو داود في سننه ص ٤٤٤، كتاب الفرائض، باب نسخ ميراث العقد بميراث الرحم، ح (٢٩٢١)، والبيهقي في السنن الكبرى ٦/ ٤٢٩. قال المنذري في مختصر سنن أبي داود ٤/ ١٨٨: (في سنده علي بن الحسين بن واقد، وفيه مقال). وقال الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود ص ٤٤٤: (حسن صحيح).
(٢) أخرجه ابن جرير في جامع البيان ٤/ ٢٤١١؛ والنحاس في الناسخ والمنسوخ ص ١٠٨.
(٣) انظر: سنن أبي داود ص ٤٤٤؛ جامع البيان ٤/ ٢٤١١ - ٢٤١٣؛ الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم للنحاس ص ١٠٩؛ السنن الكبرى للبيهقي ٦/ ٤٢٨؛ نواسخ القرآن ٢/ ٣٦٧ - ٣٦٩؛ تفسير ابن كثير ١/ ٤٦٤، ٤٦٥.
هذا وقال ابن حجر في الفتح ٨/ ١١١: (ويحتمل أن يكون النسخ وقع مرتين: الأولى حيث كان المعاقد يرث وحده دون العصبة، فنزلت: {ولكل} وهي آية الباب فصاروا جميعاً يرثون، وعلى هذا يتنزل حديث ابن عباس، ثم نسخ ذلك آية الأحزاب، وخص الميراث بالعصبة، وبقي للمعاقد النصر والإرفاد ونحوهما، وعلى هذا يتنزل بقية الآثار. وقد تعرض له ابن عباس في حديثه أيضاً لكن لم يذكر الناسخ الثاني، ولا بد منه).

<<  <  ج: ص:  >  >>