للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دليل القول بنسخ ما يدل على عدم جواز العزل (١).

ويعترض عليه بما اعترض به على وجه استدلال القول الأول.

الراجح

بعد عرض الأقوال في المسألة وأدلتها، يظهر لي- والله أعلم بالصواب- ما يلي:

أولاً: إن قولي النسخ في المسألة غير صحيحين؛ وذلك لعدم وجود ما يدل على تأخر دليل أحد القولين على دليل القول الآخر، وإمكان الجمع بين الأدلة كلها، كما سبق بيانه.

ثانياً: إن الراجح هو القول الثاني، وهو جواز العزل مع الكراهة؛ وذلك لأنه يمكن أن يجمع به بين جميع الأدلة الواردة في المسألة، وإذا أمكن الجمع بين الأدلة لا يصار معه إلى غيره (٢).

ثالثاً: إنه لا تعارض بين حديث جدامة-رضي الله عنها-الدال على أن العزل هو الوأد الخفي، وبين حديث جابر وأبي سعيد-رضي الله عنهما-الدال على تكذيب قول اليهود بأن العزل هو الموءودة الصغرى؛ وذلك لأن الذي كذبت فيه اليهود هو زعمهم أن العزل لا يتصور معه الحمل أصلاً، وجعلوه بمنزلة قطع النسل بالوأد، فأكذبهم في ذلك، وأخبر أنه لا يمنع الحمل إذا شاء الله خلقه، وإذا لم يرد خلقه لم يكن وأداً حقيقة، وإنما سماه وأداً خفياً في


(١) انظر: شرح معاني الآثار ٣/ ٣٠؛ زاد المعاد ٥/ ١٤٢.
(٢) انظر: فتح الباري ٤/ ٣٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>