للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانياً: إنه يفهم من مجموع طرق حديث أنس -رضي الله عنه- في قصة العرنيين النهي عن المثلة حتى ولو كانت قصاصاً، وذلك لأنه جاء في رواية عنه-كما سبق- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سمل أعينهم لأنهم سملوا أعين الرعاء، ويعني ذلك أنه سملهم قصاصاً. والرواية الأخرى جاء فيه-كما سبق-أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن المثلة بعد ذلك. فثبت من مجموع تلك الروايات في قصة العرنيين أنه لا يجوز المثلة حتى ولو كانت قصاصاً، وأن النهي عن المثلة جاء حتى بعد إباحتها قصاصاً.

ثالثاً: إن القول بنسخ الأدلة التي يستدل منها على جواز المثلة قصاصاً، له وجه؛ وذلك لوجود ما يدل على تأخر النهي عن المثلة عما يدل على جوازها، كحديث أنس -رضي الله عنه- (ثم نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المثلة بعد ذلك)، وحديث عمران بن حصين -رضي الله عنه- «ما خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطبة إلا أمرنا بالصدقة، ونهانا عن المثلة»، فهو يدل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى في آخر خطبه نهى عن المثلة.

ويؤيد ذلك ما يثبت من مجموع طرق حديث أنس -رضي الله عنه- في قصة العرنيين، وهو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما سمل أعينهم لأنهم سملوا أعين الرعاء، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى بعد ذلك عن المثلة.

رابعاً: ولأن أدلة القول الثاني من الكتاب، أدلة عامة، تدل على أن يعامل الجاني كما عامل، وأحاديث النهي عن المثلة خاصة في المثلة، فتكون النهي عن المثلة مستثنى من عمومها.

على أن أحاديث النهي عن المثلة متأخرة على نزول تلك الآيات كما سبق ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>