للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالصدقة، ونهانا عن المثلة»، فهو يدل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى في آخر خطبه نهى عن المثلة.

ثم هذه الآيات تدل بعمومها على جواز أن يفعل بالقاتل مثل ما فعل، وأحاديث النهي عن المثلة خاصة في المثلة، فتكون النهي عن المثلة مستثنى من عمومها.

الراجح

بعد عرض قولي أهل العلم في المسألة، وما استدلوا به، يظهر لي- والله أعلم بالصواب- أن الراجح هو أن القاتل يجوز أن يقتل بمثل ما قتل إلا إذا كان القاتل مثَّل بالمقتول أو قتله بما يحرم لذاته، فلا يمثل به ولا يقتل بما هو محرم لذاته بل يقتل بالسيف، وذلك لما يلي:

أولاً: لأن الأحاديث في النهي عن المثلة كثيرة وصحيحة، وهي تدل على النهي عن المثلة مطلقاً، وليس فيها ما يدل على جوازها قصاصاً، بل نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المثلة في غير ما حديث، ولم يأت في أي رواية أنه استثنى من ذلك المثلة قصاصاً، ومن تلك الأحاديث حديث بريدة -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أمَّر أميراً على جيش أو سرِيَّة، أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيراً، ثم قال: «اغزوا باسم الله. قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليداً» الحديث (١).

ففيه النهي عن المثلة مطلقاً، ولو كانت جائزة قصاصاً لذكرها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.


(١) سبق تخريجه في ص ١٦٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>