للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت آية النور نزلت قبله لقال: (خذوا عن الله) (١). وإذا كانت آية النور نزلت بعد حديث عبادة -رضي الله عنه- فيكون التغريب المذكور فيه منسوخاً بها؛ لأنه جاء فيها الاقتصار على الجلد (٢).

واعترض عليه: بأنه لو سلم أن آية النور نزلت بعد حديث عبادة -رضي الله عنه- فلا يسلم نسخه بها؛ لأن حديث أبي هريرة وخالد الجهني -رضي الله عنهما- في قصة الأعرابي جاء فيه قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «والذي نفسي بيده، لأقضين بينكما بكتاب الله». وقد جاء فيه: «وعلى ابنك جلد مائة، وتغريب عام». وهذا الحديث بعد آية النور لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «لأقضين بينكما بكتاب الله» فدل ذلك أن تغريب الزاني ليس منسوخاً بآية النور.

الوجه الثاني للنسخ: أن حديث عبادة -رضي الله عنه- وأبي هريرة وزيد بن خالد الجهني-رضي الله عنهم-جاء فيها في حد البكر الجلد، ونفي سنة، وهذا النفي كان ثابتاً في النساء الأبكار الحرائر والإماء، لقوله تعالى في حد الإماء إذا أتين بالفاحشة: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}. فكان النفي ثابتاً في حقهن كذلك، ثم أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- في حد الإماء ذكر فيها الجلد ولم يذكر فيها النفي، فدل ذلك أن النفي نسخ من حدهن، وإذا نسخ ذلك من حد الإماء فيكون في ذلك دلالة على نسخه من حد الرجال والنساء عموماً (٣).


(١) انظر: أحكام القرآن للجصاص ٢/ ١٣٥؛ المبسوط ٩/ ٤٥.
(٢) انظر: المبسوط ٩/ ٤٥.
(٣) انظر: شرح معاني الآثار ٣/ ١٣٥ - ١٣٧؛ مختصر اختلاف العلماء ٣/ ٢٧٨ - ٢٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>