للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما رواه، وهو أن علي -رضي الله عنه- حكم بالقرعة في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأقره النبي -صلى الله عليه وسلم- عليه، ثم روي عنه ما يدل على أنه كان يرى الحكم بالقرعة بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فعن حنش (١)، قال: أُتي علي -رضي الله عنه- ببغل يباع في السوق، فقال رجل: هذا بغلي، لم أبع، ولم أهب، ونزع على ما قال خمسة يشهدون. وجاء رجل آخر يدعيه، ويزعم أنه بغله، وجاء بشاهدين، فقال علي -رضي الله عنه-: (إن فيه قضاء وصلحة، أما الصلح فيباع البغل فنقسمه على سبعة أسهم، لهذا خمسة، ولهذا اثنان. فإن أبيتم إلا القضاء بالحق، فإنه يحلف أحد الخصمين أنه بغله ما باعه ولا وهبه، فإن تشاححتما أيكما يحلف أقرعت بينكما على الحلف، فأيكما قرع حلف). فقضى بهذا وأنا شاهد (٢).

فهذا مما يبطل دعوى النسخ بمخالفة الراوي لما رواه.

الوجه الثاني للنسخ: هو أن حديث عمران بن حصين، وأبي هريرة-رضي الله عنهما- يدلان على القضاء والحكم بالقرعة. ويدل عليه كذلك حديث علي -رضي الله عنه- حينما حكم بالقرعة وأقره النبي -صلى الله عليه وسلم- عليه.

ولكن هذه الأحاديث كانت في الابتداء في وقت إباحة القمار، لذلك تكون ما يدل عليه هذه الأحاديث منسوخاً بالآية الكريمة والتي تدل على


(١) هو: حنش بن المعتمر، أبو المعتمر الكوفي، صدوق له أوهام. وروى عن علي -رضي الله عنه- وغيره، وروى عنه سماك بن حرب، والحكم بن عتيبة، وغيرهما. انظر: تهذيب التهذيب ٣/ ٥٣؛ التقريب ١/ ٢٤٩.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنف ٨/ ٢٧٨، والبيهقي في السنن الكبرى-واللفظ له- ١٠/ ٤٣٨. وفي إسناده سماك بن حرب، وهو متكلم فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>