للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنها؛ لتأخر ما يدل على الجواز على ما يدل على النهي؛ حيث جاء في حديث عائشة، وأنس، وجابر-رضي الله عنهم-أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رخص في الرقية، والرخصة تكون بعد النهي. كما أن في بعض أحاديث جابر -رضي الله عنه- الإذن بالرقية بعد النهي عنها. فثبت بذلك تأخر أحاديث الجواز على الناهية، والمتأخر يكون ناسخاً للمتقدم (١).

واعترض عليه: بأن نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الرقية يحتمل أنه كان عن الرقية التي فيها شرك، ولم يكن عن مطلق الرقية، فعن الزهري قال: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة، وهم يرقون رقى يخالطها الشرك، فنهى عن الرقى، فلدغ رجل من أصحابه لدغته حية، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «هل من راق يرقيه؟ فقال رجل: إني كنت أرقى برقية فلما نهيت عن الرقى تركتها. قال: «فأعرضها عليّ» فعرضها عليه فلم ير بها بأساً، فأمره فرقاه (٢).

وفي رواية عنه قال: بلغني عن رجل من أهل العلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الرقى حين قدم المدينة، وكانت الرقى في ذلك الزمان فيها كثير من كلام الشرك، فانتهى الناس، فبينا هم على ذلك لدغت رجلاً من الأنصار حية، فقال: (التمسوا راقيها). فقيل له: إنه كان آل حزم يرقون منها، حتى نهيت عنها، فقال: «ادعوا لي عمارة بن حزم (٣)، فقال: «أعرض عليّ رقيتك» فعرض عليه


(١) انظر: شرح معاني الآثار ٤/ ٣٢٦، ٣٢٨؛ الاعتبار ص ٥٣٨؛ الناسخ والمنسوخ في الأحاديث ص ١٠٤؛ رسوخ الأحبار ص ٥٣٤.
(٢) أخرجه الحازمي في الاعتبار ص ٥٤٠.
(٣) هو: عمارة بن حزم بن زيد بن لوذان بن عمرو، الأنصاري، شهد العقبة، والمشاهد كلها، وكانت معه راية بني مالك بن النجار يوم الفتح، واستشهد يوم اليمامة. انظر: الإصابة ٢/ ١٣٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>