للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعترض عليه: بأنه لا يصح الاستدلال من هذه الأدلة على النسخ؛ لأن الضيافة حق واجب للضيف كما تدل عليه الأحاديث الأربعة الأولى، فليس أخذه لحقه أخذ مال المسلم بغير حق، فلا تعارض بين تلك الأحاديث وبين الأحاديث الدالة على حرمة أخذ مال المسلم بغير طيبة نفس منه. أما حديث المقداد -رضي الله عنه- فلا يصح منه الاستدلال على عدم وجوب الضيافة؛ لأنه قدم المدينة، وهي من الأمصار فلا تجب على أهلها الضيافة، ثم إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أضافه، وهو من أهل المدينة. أما عمل سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- من عدم إلزام أهل القرية بحق الضيافة، فهو لا يدل على نسخ وجوب الضيافة، بل يدل على أن الضيف له أن يتنازل عن حقه ويتركه، إذا لم يضفه أحد، وليس في الأحاديث الدالة على وجوب الضيافة بأن الضيف يجب عليه أخذ حقه (١).

الوجه الثاني: أن الضيافة كانت واجبة في أول الإسلام، حينما كانت المواساة واجبة، فلما فتحت الفتوح نسخ ذلك، ويدل على النسخ قوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي شريح -رضي الله عنه-: (جائزته يوم وليلة). والجائزة تفضل لا واجب، فدل ذلك على نسخ وجوبها (٢).


(١) انظر: المنهاج شرح صحيح مسلم ٧/ ٣١٠؛ فتح الباري ٥/ ١٢٩؛ نيل الأوطار ٨/ ٢١٠؛ تحفة الأحوذي ٥/ ٢٠٣.
(٢) انظر: فتح الباري ٥/ ١٢٩؛ عمدة القاري ٩/ ٢١٤؛ نيل الأوطار ٨/ ٢١٠؛ تحفة الأحوذي ٥/ ٢٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>