للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دليل القول الثاني

ويستدل للقول الثاني-وهو أن الضيافة واجبة- بما يلي:

أولاً: ما سبق ذكره في دليل القول بالنسخ، من حديث أبي شريح، وعقبة بن عامر،

والمقدام أبي كريمة، وأبي هريرة-رضي الله عنهم-؛ حيث إنها تدل على وجوب الضيافة، وبعضها نص صريح في وجوبها.

ثانياً: ما سبق ذكره في دليل القول السابق من حديث مالك بن نضلة -رضي الله عنه-؛ حيث أمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالقرى حتى من لم يقره ولم يضيفه.

ثالثاً: عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: أن ناساً من الأنصار سافروا فأرملوا (١)، فمرُّوا بحيّ من العرب، فسألوهم القرى فأبوا عليهم، فسألوهم الشراء فأبوا فضبطوهم فأصابوا منهم، فأتت الأعراب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فأشفقت الأنصار، فقال عمر: (تمنعون ابن السبيل ما يخلف الله تعالى في ضروع الإبل بالليل والنهار؟ ابن السبيل أحق بالماء من الثاوي عليه) (٢).

فهذه أدلة تدل على وجوب الضيافة، وأنها حق للضيف، وبعضها نص صريح فيه، وعمل به الصحابة بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما في رواية ابن أبي ليلى، فثبت منها وجوبها وعدم نسخها (٣).


(١) أرملوا، أي نفد زادهم. انظر: النهاية في غريب الحديث ١/ ٦٩١.
(٢) رواه ابن حزم في المحلى ٨/ ١٤٨، ونحوه البيهقي في السنن الكبرى ٩/ ٣٣٢.
(٣) انظر: المحلى ٨/ ١٤٦ - ١٤٨؛ الشرح الكبير ٢٧/ ٢٦٥ - ٢٦٧؛ نيل الأوطار ٨/ ٢٠٩ - ٢١١؛ تحفة الأحوذي ٥/ ٢٠٣ - ٢٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>