للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢٤٤ - المسائل الفقهية التي قمت بجمعها ودراستها ثلاثة أنواع، نوع يصح فيها القول بالنسخ، ويدل عليه دليل من الكتاب أو السنة، أو الإجماع.

ونوع القول بالنسخ فيها محتمل، ثم قد يكون الاحتمال قوياً، وقد يكون ضعيفاً.

ونوع القول فيها بالنسخ مجرد ادعاء، ليس عليه أي دليل.

٢٤٥ - يوجد بعض المسائل يكون الادعاء بالنسخ فيها ناتجاً عن نزعة أو تعصب مذهبي؛ وذلك أن بعض من تعصب للمذهب عندما وجد حديثاً صحيحاً ثابتاً، وكان مذهبه على خلافه، ادعى نسخ الحديث والدليل الذي يكون مذهبه مخالفاً له.

٢٤٦ - عند بعض الحنفية يعتبر قول الراوي وفتياه على خلاف روايته دليلاً على نسخه؛ لذلك ادعوا النسخ في كثير من المسائل التي يكون فيها قول الراوي وفتياه بخلاف روايته؛ وذلك إذا كان القول بالنسخ يوافق المذهب.

والصحيح عدم اعتبار مخالفة الراوي لما رواه دليلاً على النسخ؛ لأن مخالفته لما رواه يتطرق له عدة احتمالات، على أنه ليس لأحد قول أو فعل مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

٢٤٧ - عند بعض المالكية يعتبر عمل أهل المدينة على خلاف دليل دليلاً على نسخه؛

لذلك ادعوا النسخ في بعض المسائل لما رأوا عمل أهل المدينة على خلافه.

والصحيح عدم اعتبار ذلك دليلاً على النسخ؛ لأن النسخ إنما يكون بدليل من الكتاب أو السنة، وأن يكون مع الناسخ ما يدل على تأخره، وليس عمل أهل المدينة من ذلك في شيء.

٢٤٨ - الأصل عند ابن حزم أنه إذا وجد دليلان متعارضان، وأحدهما يوافق البراءة الأصلية والآخر يخالفها، فإن ما يكون مخالفاً للبراءة الأصلية يكون ناسخاً لما يوافقها. وأكثر المسائل التي ادعى فيها النسخ من هذا القبيل.

والصحيح عدم اعتبار ذلك ناسخاً؛ لأنه قد يكون الناسخ ما يوافق البراءة الأصلية.

٢٤٩ - يمكن الجمع بين الأدلة العامة والخاصة، وذلك بحمل العامة على ما عدا محل الخصوص، ولا يقال بنسخ أحدهما بالآخر؛ لإمكان الجمع، لكن إذا كان كل ما يحتمله العموم داخلاً في الأمر أو النهي عن الشيء ومراداً به، فإن إخراج بعضه يكون نسخاً له.

٢٥٠ - قد تكون بعض الأدلة تدل على وجوب حكم، ثم تأتي أدلة تدل على عدم الوجوب، فبعض أهل العلم لا يعد ذلك نسخاً؛ لإمكان الجمع بين الدليلين؛ وذلك بحمل ما يدل على الوجوب على الاستحباب للأدلة التي تدل على عدم الوجوب، فيعتبر ما يدل على عدم الوجوب صارفاً لما يدل على الوجوب عن الوجوب إلى الندب والاستحباب.

وبعض أهل العلم يعد ذلك نسخاً؛ لأن نقل مسألة من الوجوب إلى الندب أو الإباحة نسخ لحكم الوجوب، وهذا يعتبر راجحاً؛ لأن أكثر مسائل النسخ من هذا القبيل، وهو نقل مسألة من حكم إلى حكم آخر.

٢٥١ - إن القول بالنسخ أحد أهم أسباب اختلاف أهل العلم في كثير من المسائل الفقهية؛ وذلك لأن بعض أهل العلم عندما يجد تعارضاً بين الأدلة في مسألة، ثم يظهر له تقدم أحد الدليلين، فإنه يعتبر ذلك منسوخاً وبالتالي لا يقول بموجبه؛ لأنه اعتبره منسوخاً.

وبعض أهل العلم لم يتبين له وجه النسخ في المسألة؛ لذلك لم يذهب إلى القول بالنسخ فيها؛ لذلك كان لاعتبار مسألة منسوخة أو عدم ذلك، أثراً ظاهراً في اختلاف أهل العلم فيها.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، ومن سار عن نهجهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>