للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النهي عن البول قائماً متأخرة؛ وذلك لأنه ثبت عنه عليه الصلاة والسلام البول قائماً، وكان ذلك مما لا تستنكره العرب قبل الإسلام، وثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه كان من عادته البول عن قعود، وثبت عنه التشديد في التنزه والإستبراء من البول، وروي عنه مع ذلك ما يدل على النهي عن البول قائماً وأنه من الجفاء.

فقد يُستدل من هذا كله على أن البول قائماً من فعله -صلى الله عليه وسلم- منسوخ بما روي عنه من النهي

عن ذلك، وبما ثبت من عادته في البول قاعداً (١).

واعترض عليه: بأنه ليس في هذه الأدلة ما يدل على تأخرها على أدلة جواز البول قائماً، وحديث عائشة -رضي الله عنها-في ذلك مستند إلى علمها، وقد يجوز أن يبول -صلى الله عليه وسلم- جالساً في وقت، ويبول قائماً في وقت آخر. فعائشة -رضي الله عنها- أخبرت بما كانت تراه في البيوت يبول قاعداً، وغيرها أخبر ما عاين من بوله قائماً، وعائشة لم تكن معه في ذلك الوقت، فكل منهم أخبر بما شاهده (٢).

هذا كان قول من قال بالنسخ ودليله.

وقد اختلف أهل العلم في حكم البول قائما من غير عذر على


(١) انظر: مسند أبي عوانة ١/ ١٦٩؛ ناسخ الحديث لابن شاهين ص ١٦٧؛ ناسخ الحديث لابن الجوزي ص ٦٣؛ فتح الباري ١/ ٣٩٢، ٣٩٤.
(٢) انظر: شرح معاني الآثار ٤/ ٢٦٧؛ صحيح ابن حبان ٤/ ٢٧٨؛ فتح الباري ١/ ٣٩٤؛ عمدة القاري ٣/ ١٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>