للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتوضأ، فدل ذلك على ترك الوضوء مما مست النار مطلقاً (١).

وأما وجه الاستدلال منها على أنها متأخرة وناسخة للوضوء مما مست النار مطلقاً فمن وجهين:

الأول: أن ممن روى هذه الأحاديث ابن عباس -رضي الله عنه- وهو قد صحب النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد فتح مكة، فدل ذلك أن ترك الوضوء مما مست النار متأخر عن الأمر بالوضوء منه (٢).

الوجه الثاني: أن حديث جابر بن عبد الله ومحمد بن مسلمة يدلان على تأخير ترك

الوضوء مما مست النار على الأمر بالوضوء منه، حيث إن فيهما تصريح بأن هذا آخرالأمرين من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فدل ذلك على


(١) انظر: الأوسط ١/ ٢٢٤، ٢٢٥؛ شرح معاني الآثار ١/ ٦٤؛ التمهيد ٢/ ١٢٣ - ١٢٧؛ المجموع ٢/ ٤٩.
(٢) قال الإمام الشافعي: (وإنما قلنا لا يتوضأ منه لأنه عندنا منسوخ ألا ترى أن عبد الله بن عباس وإنما صحبه بعد الفتح يروي عنه أنه رآه يأكل من كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ، وهذا عندنا من أبين الدلالات على أن الوضوء منه منسوخ، أو أن أمره بالوضوء منه بالغسل للتنظيف) انظر: السنن الكبرى للبيهقي ١/ ٢٤٠، الاعتبار للحازمي ص ١٥٩.
وقال ابن عبد البر في التمهيد ٢/ ١٢٣: (ومما يستبين به أن الأمر بالوضوء مما غيرت النار منسوخ: أن عبد الله بن عباس شهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكل لحماً وخبزاً وصلى ولم يتوضأ. ومعلوم أن حفظ عبد الله بن عباس عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- متأخر).

<<  <  ج: ص:  >  >>