للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعمر وابن مسعود -رضي الله عنهما- لما تأولاه على اللمس باليد لم يجيزا للجنب التيمم (١).

ثانياً: أن قول تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} يحتمل أن يكون المراد به الجماع، ويحتمل أن يكون المراد به ما دون الجماع من الجس باليد والتقبيل ونحو ذلك، وعلى الاحتمال الأول لا يصح الاستدلال من الآية على النسخ إطلاقاً؛ لأن إيحاب الطهارة من الجماع لا يلزم منه إيجاب الطهارة من المس بما دون الجماع.

وعلى الاحتمال الثاني لا يصح الاستدلال منها على النسخ كذلك؛ لأن كون الآية نزلت بعد تلك الأحاديث وأن تلك الأحاديث كانت قبل نزول الآية احتمال ليس عليه أي دليل، والنسخ لا يثبت بالاحتمال؛ لأن النسخ لا بد فيه من معرفة التاريخ حتى يعرف المتقدم والمتأخر، فيكون المتأخر ناسخاً للمتقدم، وهذا لا يوجد هنا؛ لأن الأحاديث التي يستدل بها على أن لمس النساء لا ينقض الوضوء ليس فيها أي دليل على أنها كانت قبل نزول الآية، وأنه لم يوجد منها شيء بعد نزولها (٢).

ثالثاً: أن لمس النساء مما تعم به البلوى، فكيف يكون ناقضاً للوضوء ثم لا يَرِدُ به إلا آية محتملة لمعنيين، ويكون مع المعنى الغير المراد من القرائن والدلائل ما يرجحها على المعنى الذي سيقت الآية لأجلها؟ فهذا مما يرده


(١) انظر: أحكام القرآن للجصاص ٢/ ٤٦٤.
(٢) انظر: فتح الباري ١/ ٧٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>