للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن عبد البر: (والآثار عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أمر بالتيمم إلى المرفقين وإلى الكوعين كثيرة، وقد يحتمل أن يكون من تيمم عند نزول الآية إلى المناكب أخذ بظاهر الكلام وما تقتضي اللغة من عموم لفظ الأيدي، ثم أحكمت الأمور بعد بفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمره بالتيمم إلى المرفقين، وروي عنه إلى الكوعين، كما روي ضربة واحدة، وضربتان، وكل ذلك صحيح عنه، وصار من ذلك الفقهاء كل إلى ما أداه إليه اجتهاده ونظره) (١).

وقال البيهقي: (قال الشافعي في حديث عمار بن ياسر: لا يجوز على عمار إذا كان ذكر تيممهم مع النبي -صلى الله عليه وسلم- عند نزول الآية إلى المنكب عن أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا أنه منسوخ، إذ روى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بالتيمم على الوجه والكفين، أو يكون لم يرو عنه إلا يتمماً واحداً، فاختلفت روايته عنه، فتكون رواية ابن الصمة التي لم تختلف أثبت، وإذا لم تختلف فأولى أن يؤخذ بها لأنها أوفق لكتاب الله من الروايتين اللتين روينا مختلفين، أو يكون إنما سمعوا آية التيمم عند حضور صلاة فتيمموا فاحتاطوا فأتوا على غاية ما يقع عليه اسم اليد؛ لأن ذلك لا يضرهم كما لا يضرهم لو فعلوه في الوضوء، فلما صاروا إلى مسألة النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرهم أنه يجزيهم من التيمم أقل ما فعلوه. وهذا أولى المعاني عندي لرواية ابن شهاب من حديث عمار بن ياسر بما وصفت من الدلائل. قال الشافعي: وإنما منعنا أن نأخذ برواية عمار بن ياسر في أن تيمم الوجه والكفين بثبوت الخبر عن رسول الله أنه مسح وجهه وذراعيه، وأن هذا أشبه بالقياس


(١) الاستذكار ١/ ٣٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>