للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الراجح

بعد عرض قولي أهل العلم في المسألة وما استدلوا به يظهر لي-والله أعلم بالصواب- أن الراجح هو القول الأول، وأن ترك الغسل من الجماع إذا لم ينزل منسوخ، وذلك لما يلي:

أولاً: إنه قد ورد أحاديث صحيحة في ترك الغسل من الجماع إذا لم ينزل، وورد كذلك أحاديث صحيحة في وجوب الغسل منه وإن لم ينزل، إلا أنه جاء أحاديث أخر تدل على أن ترك الغسل من الجماع إذا لم ينزل كان في أول الإسلام، وأن وجوب الغسل منه متأخر، فدل ذلك على نسخ الأمر الأول، كما سبق ذكره.

ثانياً: إن الصحابة -رضي الله عنهم- والأئمة بعدهم اختلفوا في المسألة، ولم يقل أحد منهم أن الأحاديث الدالة على وجوب الغسل من الجماع إذا لم ينزل منسوخة، أما الأحاديث الدالة على ترك الغسل من الجماع إذا لم ينزل فقد قال بنسخها جمهور أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، فدل ذلك على صحة القول الأول، وعلى نسخ الأحاديث التي استدل بها أصحاب القول الثاني (١).

ثالثاً: إن بعض الصحابة رووا أحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- تدل على جواز ترك الغسل من الجماع إذا لم ينزل، وقال بها، ثم قد رجع عن قوله ذلك، وقال بقول أصحاب القول الأول، فدل ذلك على صحة القول الأول، وعلى نسخ


(١) انظر من قال بالنسخ في بداية المسألة.

<<  <  ج: ص:  >  >>