للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحديث يدل على أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنما كان ندبهم إلى الغسل، ولم يجعل ذلك عليهم حتماً؛ لأن معنى قوله: (لو اغتسلتم) أي لكان أفضل وأكمل، فد ذلك على الندب دون الوجوب (١).

ثانياً: عن عكرمة أن ناساً من أهل العراق جاؤوا فقالوا: يا ابن عباس أترى الغسل يوم الجمعة واجباً؟ قال: لا، ولكنه أطهر وخير لمن اغتسل، ومن لم يغتسل فليس عليه بواجب، وسأخبركم كيف بدء الغسل، كان الناس مجهودين يلبسون الصوف، ويعملون على ظهورهم، وكان مسجدهم ضيقاً مقارب السقف، إنما هو عريش، فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في يوم حار، وعرق الناس في ذلك الصوف حتى ثارت منهم رياح آذى بذلك بعضهم بعضاً، فلما وجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تلك الريح قال: «أيها الناس إذا كان هذا اليوم فاغتسلوا، وليمس أحدكم أفضل ما يجد من دهنه وطيبه» قال ابن عباس: ثم جاء الله بالخير، ولبسوا غير الصوف، وكفوا العمل، ووسع مسجدهم، وذهب بعض الذي كان يؤذي بعضهم بعضاً من العرق) (٢).


(١) انظر: شرح معاني الآثار ١/ ١١٧؛ المنهاج شرح صحيح مسلم ٢/ ٤٤٨.
(٢) أخرجه أبو داود في سننه ص ٦٢، كتاب الصلاة، باب الرخصة في ترك الغسل يوم الجمعة، ح (٣٥٣)، وأحمد في المسند ٤/ ٢٤١؛ والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ١١٧؛ والحاكم في المستدرك ١/ ٤١٦؛ والبيهقي في السنن الكبرى ١/ ٤٤١. وصححه الجاكم على شرط البخاي، ووافقه الذهبي في التلخيص. وقال ابن حجر في فتح الباري ٢/ ٤٤٦: (وإسناده حسن، لكن الثابت عن ابن عباس خلافه-كماسيأتي قريباً- وعلى تقدير الصحة فالمرفوع منه ورد بصيغة الأمر الدالة على الوجوب، وأما نفي الوجوب فهو موقوف لأنه من استنباط ابن عباس). وكذلك حسنه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود ص ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>