للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجُعلت لي الأرضُ مساجد وطهوراً، أينما أدركتني الصلاة تمسحت وصليت، وكان من قبلي يعظمون ذلك، إنما كانوا يصلون في كنائسهم (١) وبيعهم (٢)، والخامسة هي ما هي، قيل لي: سل، فإن كل نبي قد سأل، فأخرت مسألتي إلى يوم القيامة، فهي لكم ولمن شهد أن لا إله إلا الله» (٣).

ويستدل منها على النسخ: بأن هذه الأحاديث تدل على جواز الصلاة في أي مكان من الأرض إذا كان طاهراً، وقد أخبر -صلى الله عليه وسلم- أن ذلك من فضائله فتكون ناسخة للأحاديث التي جاء فيها النهي عن الصلاة في المقبرة، والحمام، وأرض بابل، وأعطان الإبل وغير ذلك؛ لأن الفضائل جائز فيها الزيادة، ولا يجوز عليها النسخ ولا التبديل ولا النقص، فثبت بذلك أن قوله -صلى الله عليه وسلم-: «وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً» متأخر عن تلك الأحاديث الدالة على النهي، وحديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- يدل على ذلك؛ حيث ذكر فيه أن ذلك كان في غزوة تبوك، وهي من آخر غزوات الرسول -صلى الله عليه وسلم- (٤).


(١) الكنيسة: متعبد اليهود، وتطلق أيضاً على متعبد النصارى. انظر: المصباح المنير ص ٥٤٢؛ القاموس المحيط ص ٥١٤.
(٢) البيع جمع البيعة بالكسر، متعبد النصارى. انظر: مختار الصحاح ص ٦٢؛ المصباح المنير ص ٦٩.
(٣) أخرجه الإمام أحمد في المسند ١١/ ٦٣٩. قال الهيثمي في مجمع الزوائد ١٠/ ٣٧٠: (رواه أحمد ورجاله ثقات) وحسن سنده ابن حجر، والشيخ الألباني. انظر: فتح الباري ١/ ٥٤٧؛ إرواء الغليل ١/ ٣١٧.
(٤) انظر: التمهيد ١/ ٢٣٤ - ٢٣٧؛ الاستذكار ١/ ١٣٣، ١٣٤؛ بداية المجتهد ١/ ٢٣٠؛ فتح الباري ١/ ٥٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>