بعد عرض أقوال أهل العلم في المسألة وما استدلوا به يظهر لي- والله أعلم بالصواب- أنه لا يجوز الصلاة في الأماكن التي ثبت وصح النهي عن الصلاة فيها، وأن الأحاديث الدالة على ذلك محكمة غير منسوخة، وذلك لما يلي:
أولاً: لأن الأحاديث التي تدل على المنع من الصلاة في تلك الأماكن صريحة في النهي، وهي تدل على التحريم وعدم الجواز، وحملها على الكراهة غير صحيح لوجهين:
أ-لأن الأصل في النهي التحريم وعدم الجواز (١).
ب-ولأن من تلك الأحاديث أحاديث النهي عن الصلاة في المقابر، واتخاذها مساجد، وحمل هذه الأحديث على الكراهة دون التحريم بعيد؛ لأنه جاء فيها الألفاظ التالية:
١ - أن من يتخذ القبور مساجد فهم شرار الخلق عند الله تعالى، فعن عن عائشة -رضي الله عنها- أن أم سلمة -رضي الله عنها- ذكرت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- كنيسة رأتها بأرض الحبشة يقال لها: مارية، فذكرت له ما رأت فيها من الصور فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أولئك قوم إذا مات فيهم العبد الصالح -أو الرجل الصالح- بنو على قبره مسجداً، وصوروا فيه تلك