للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعترض عليه: بأن المراد بالترك في هذه الأحاديث ليس ترك القنوت ولا ترك اللعن فيه على الكفار-ولو بأسمائهم وقبائلهم- تركًا كلياً بحيث لم يعد إليه مرة أخرى، بل المراد به ترك القنوت واللعن على من دعا عليهم لزوال السبب، ثم عاد إليه لوجود سبب آخر، فدعا على قوم ودعا لآخرين، فقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه تركه لما زال العارض، ثم عاد إليه مرة أخرى، ثم تركه لما زال العارض وهكذا. فهو لم ينسخ بل مشروع عند النوازل، ويؤكد ذلك ما روي عن أنس -رضي الله عنه-: (أن رعلاً وذكوان وعصية وبني لحيان استمدوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على عدو، فأمدهم بسبعين من الأنصار كنا نسميهم القراء في زمانهم، كانوا يحتطبون بالنهار، ويصلون بالليل، حتى كانوا ببئر معونة قتلوهم وغدروا بهم. فبلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك فقنت شهراً يدعو في الصبح على أحياء من أحياء العرب، على رعل وذكوان وعصية وبني لحيان) (١).

ثم ترك هذا الدعاء واللعن كما في رواية أخرى لأنس -رضي الله عنه- قال: «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قنت شهراً يدعو على أحياء من أحياء العرب ثم تركه» (٢).

ثم قد عاد النبي -صلى الله عليه وسلم- ودعا بعد هذا الترك بمدة وبعد فتح خيبر وبعد إسلام أبي هريرة -رضي الله عنه- دعا على أناس آخرين وقبائل-كما سبق ذكر ذلك في حديث


(١) أخرجه البخاري في صحيحه ص ٨٤٢، كتاب المغازي، باب غزوة الرجيع ورعل وذكوان، وبئر معونة،
ح (٤٠٩٠).
(٢) سبق تخريجه في ص ٥٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>