للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي هريرة -رضي الله عنه-.

وفي حديث عبد الرحمن بن أبي بكر -رضي الله عنه- الذي سبق ذكره أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا على رعل وذكوان وعصية، وأنه ترك ذلك بعد ما أُنزل الآية فلم يدع على أحد. مع أن في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الدعاء واللعن على مضر، وهو بعد نزول تلك الآية (١) وبعد ترك اللعن على رعل وذكوان.

فثبت مما تقدم أن المراد بالترك هو الترك لزوال السبب والعارض، وليس المراد به الترك بحيث لم يعد إليه مرة أخرى حتى يكون هذا الترك ناسخاً (٢).

كما أن الأحاديث التي استُدل منها على النسخ ليس فيها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ترك اللعن والدعاء على أحاد الكفرة بذكر أسمائهم أو قبائلهم، بل هي أصرح من ذلك في ترك القنوت، فإما أن يقال بنسخ القنوت كما قال به من قال ممن سبق ذكره في المسألة السابقة، أو يقال بعدم نسخ شيء منه كما قال به أكثر أهل العلم، وأن المراد بالترك هو الترك لزوال السبب والعارض لا الترك الذي لا رجعة فيه ولا عودة، أما القول بنسخ اللعن والدعاء على آحاد الكفرة بذكر أسمائهم أو قبائلهم، فليس في هذه


(١) فإن هذه الآية نزلت بعد غزوة أحد. انظر: أسباب النزول للواحدي ص ٨٠؛ تفسير ابن كثير ١/ ٣٨٠؛ فتح الباري ٨/ ٨٦.
(٢) انظر: مجموع الفتاوى ٢٢/ ٣٧٣؛ زاد المعاد ١/ ٢٧٢؛ التنبيه على مشكلات الهداية ٢/ ٦٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>