للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيرد علي، فأتيته فسلمت عليه وهو يصلي، فلم يرد عليّ، فلما سلم أشار إلى القوم فقال: «إن الله عز وجل-يعني- أحدث في الصلاة، أن لا تكلموا إلا بذكر الله، وما ينبغي لكم، وأن تقوموا لله قانتين» (١).

فهذا يدل على أن النهى عن الكلام في الصلاة كان بقوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}، وقد سبق أن هذه الآية مدنية بلا خلاف، ومتأخرة النزول.

٢ - عن حميد الحميري، عمن يرضى به أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما رجعت مهاجرة الحبش نزع عن ذلك، فكان يسلم عليه في الصلاة فلا يرد، فقيل له: قد كنت يا نبي الله ترد وأنت بمكة في الصلاة، قال: «إن في الصلاة شغلاً» (٢).

فهذا يدل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يرد السلام بمكة، وبعد الهجرة نسخ ذلك فكان لا يرد.

ثانياً: إن الأدلة التي استدل بها من قال بالنسخ مطلقة وعامة تشمل جميع أنواع الكلام؛ حيث إنها ليس فيها ما يدل على الفرق بين العمد والسهو والنسيان (٣).


(١) أخرجه النسائي في سننه ص ١٩٩، كتاب السهو، باب الكلام في الصلاة، ح (١٢٢٠)، ومن طريقه ابن عبد البر في التمهيد ٣/ ٢٥٢، وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن النسائي ص ١٩٩.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنف ٢/ ٣٣٤، ثم قال: (قال ابن جريج: فأخبرني ابن أبي ليلى أن ابن مسعود هو الذي سلم عليه مرجعه من مهاجره الحبش).
(٣) انظر: نيل الأوطار ٢/ ٣١٨، ٣٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>