للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثبوت مغفرة الله لشخص أو رحمته سبحانه إياه بعد موته من الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلا الله تعالى، ثم من أعلمه الله بذلك من ملائكته ورسله وأنبيائه، فإخبار شخص غير هؤلاء عن ميت بأن الله قد غفر له أو رحمه لا يجوز إلا من ورد فيه نص عن المعصوم -صلى الله عليه وسلم-، وبدون ذلك يكون رجمًا بالغيب، وقد قال الله تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (١)، وقال: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} (٢) ولكن يرجى للمسلم المغفرة والرحمة ودخول الجنة فضلًا من الله ورحمية، ويدعى له بالمغفرة والرحمة بدلًا من الإخبار عنه بأنه مرحوم مغفور له؛ قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (٣). وفي صحيح البخاري عن خارجة بن زيد بن ثابت "أن أم العلا -امرأة من الأنصار قد بايعت النبي صلى الله عليه وسلم- أخبرته أنه اقتسم المهاجرون قرعة فطار لنا عثمان بن مظعون، فأنزلناه في بيوتنا فوجع وجعه الذي توفي فيه، فلما توفي وغسل وكفن في أثوابه دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: رحمة الله عليك أبا السائب فشهادتي عليك لقد أكرمك الله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "وما يدريك أن الله أكرمه؟ " فقلت: بأبي أنت يا رسول الله، فمن يكرمه الله؟ فقال: "أما هو فقد جاءه اليقين، والله إني لأرجو له الخير، والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي" قالت: فوالله لا


(١) سورة النمل، الآية (٦٥).
(٢) سورة الجن، الآيتان (٢٦ - ٢٧).
(٣) سورة النساء، آية (٤٨).

<<  <   >  >>