وسئل الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- عن هذه العبارة التي تستعملها بعض الجماعات الإسلامية كشعار لها في (جميع) أمور الخلاف بين أهل القبلة، فقال:
"رأينا في هذه الكلمة أن فيها إجمالًا: أما: نجتمع فيما اتفقنا فيه؛ فهذا حق.
وأما: يعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه؛ فهذا فيه تفصيل: فما كان الاجتهاد فيه سائغًا فإنه يعذر بعضنا بعضًا فيه، ولكن لا يجوز أن تختلف القلوب من أجل هذا الخلاف.
وأما إن كان الاجتهاد غير سائغ؛ فإننا لا نعذر من خالف فيه. ويجب عليه أن يخضع للحق. فأول العبارة صحيح. وأما آخرها فيحتاج إلى تفصيل" (١).
قلت: وللشيخ حمد العثمان رسالة قيمة بعنوان: "دراسة نقدية لقاعدة المعذرة والتعاون"، أجاد فيها بيان مفاسد وأضرار إعمال هذه القاعدة بإطلاق.
[أولى القبلتين: [وصف المسجد الأقصى بهذا الوصف]]
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: "نسمع تعبيرًا عن المسجد الأقصى يقول: (إنه ثالث الحرمين وأولى القبلتين). وهذا التعبير يحتاج إلى فهم؛ إذا قلنا ثالث الحرمين فإنه ربما يفهم السامع أن المسجد الأقصى له حرم، أو أنه حرم، وليس كذلك؛ فإن المسلمين أجمعوا على أنه لا حرم إلا في مكة والمدينة، واختلفوا في وادي وج وهو واد في الطائف، والصحيح أنه ليس
(١) "الصحوة الإسلامية: ضوابط وتوجيهات"، (ص ١٧١). وانظر (ص ١٤٧) وما بعدها من المرجع السابق لمعرفة ما يسوغ فيه الاجتهاد، وما لا يسوغ.