وإن أراد فضيلة الشيخ بكلامه أن العادة المطردة والعرف القائم بين الناس دليل ثبوت الحكم الشرعي؛ كأكل الضيف والمدعو من الطعام المقدم لهما ولو بلا إذن صريح من صاحب المنزل، وإعطاء القصار أو الخياط ثوبه الغسله أو خياطته بأجرة العادة، فهذا وأمثاله تعتبر فيه العادة مبينة لقدر الحق الشرعي. ومثله. الرجوع إلى أهل المعرفة في بيان الغبن في البيع أو العيب في المبيع اللذين أثبت فيهما الشارع الخيار للمشتري، وكذلك بيان نفقة الزوجة والقريب التي تختلف باختلاف الزمان والمكان، و (الحرز) الذي شرطة الشارع لقطع يد السارق يرجع في بيانه إلى العرف الذي يحدده حسب الأموال والحكام والبلدان، وكذلك بيان ما يدخل في مسمى الدار عند إطلاق بيعها، وما لا يدخل يرجع فيه إلى العادة الجارية عند الناس، وكذلك بيان ما على المؤجر والمستأجر عند استئجار الدار والدابة، وما على المساقي وصاحب الشجر في المساقاة.
كل هذه المسائل وكثير من أمثالها للعرف فيها فضل البيان والتفسير للنصوص.
فإن كان هذا هو مراد الشيخ فهو صحيح؛ لأنه مطابق للحق والواقع، ولذا فإنه يتعين على الحاكم أن يكون عارفًا لعادات بلاد حكمه وعرفها ولغتها واصطلاحها؛ لأن ذلك ينير الطريق أمامه ويبصره مراد النص، فإن فهم كثير من النصوص لا يكفي الحاكم في حكمه ما لم يعرف ما عليه الناس من عادات واصطلاحات ليحسن التطبيق والملاءمة بين النصوص