للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كلام بعض الكبراء؛ مثل الإمام النووي رضي الله عنه، وظنها بعضهم حديثًا، وليست هي بحديث، كما قال الحافظ السخاوي.

والواقع أنها خطأ من وجوه ثلاثة:

١ - أن الحسنة من حيث ذاتها لا تختلف باختلاف فاعلها؛ فالحسنة من العاصي حسنة من الطائع، والحسنة من العالم أو الولي حسنة من النبي. ولا يعقل أن تكون حسنة من صالح هي نفسها سيئة من نبي، نعم قد يعرض للحسنة ما يجعلها سيئة لأمر خارج عارض لها، لا لذاتها. وهي من أفراد مسألة الواحد بالشخص له جهتان لا تلازم بينهما. وهذه المسألة مقررة في علم الأصول.

٢ - أن الأبرار هم المقربون؛ اختلفا في المفهوم، واتحدا في ما هو صدق. وعلى هذا يصير معنى الجملة: حسنات الأبرار سيئات الأبرار، وهذا تهافت. والدليل على اتحادهما قول الله تعالى في الملائكة المقربين: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرَامٍ بَرَرَةٍ} (١) مع قوله في الصالحين من المؤمنين: {وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ} (٢)؛ بررة وأبرار، جمعان لبار؛ أولهما جمع كثرة، والآخر جمع قلة. عبر في الملائكة بجمع الكثرة، لأنهم مع كثرتهم طائعون مقربون، ليس فيهم عاص. وعبر في المؤمنين بجمع القلة، لأنهم أقلاء بالنسبة لغيرهم. يؤيد هذا أنه عبر في أضدادهم بجمع الكثرة، حيث قال


(١) سورة عبس، الآيتان (١٥، ١٦).
(٢) سورة آل عمران، الآية (١٩٣).

<<  <   >  >>