للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: قد عرفت أنه وثّقهُ الخطيب أيضًا، وهذا مما فات الحافظ وغيره، فلا داعي للتردد في تقويته، والله الموفق.

وقد يخطر في البال أن الحديث مخالف لأحاديث صحيحة، منها قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من مسلم يغرس غرسًا، أو يزرع زرعًا، فيأكل منه طير، أو إنسان، أو بهيمة إلا كان له به صدقة" (١).

أخرجه الشيخان وغيرهما كما في "الصحيحة" (رقم ٧).

قال الحافظ في "الفتح" (٢): "فيه جواز نسبة الزرع إلى الآدمي، وقد ورد في المنع منه حديث غير قوي، أخرجه ابن أبي حاتم .. " فذكره.

وأقول: قد عرفت أن الحديث قوي، فلا بد حينئذ من التوفيق بينه وبين حديث الصحيحين بوجه من وجوه التوفيق المعروفة، كان يحمل حديث الترجمة على النهي فيه للكراهة، كما قالوا في التوفيق بين أحاديث النهي عن تسمية العنب كرمًا، وبين أحاديث أخرى جاء فيها؛ كقوله -صلى الله عليه وسلم-: "الخمر من هاتين الشجرتين: الكرمة والنخلة" (٣). وكحديث النهي عن بيع الكرم بالزبيب (٤).

أو يُقدَّم حديث الترجمة لأنه حاظر، والحاظر مقدم على المبيح. والله سبحانه وتعالى أعلم" (٥).


(١) أخرجه الشيخان وغيرهما كما في الصحيحة رقم ٧.
(٢) (٥/ ٤).
(٣) رواه مسلم برقم (١٩٨٥).
(٤) انظر فتح الباري: ٤/ ٣٨٥ - ٣٨٦.
(٥) السلسلة الصحيحة (٢٨٠١).

<<  <   >  >>