للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذه السور المكية التي في القرآن معلومة، نزلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- وآله وسلم، وأكثر من في مكة المشركون، وفيها ذمهم والرد عليهم، كقوله: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ} (١)، وقال: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} (٢)، وقوله: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} (٣)، ونحو هذه الآيات كما في "فصلت" و "المدثر" وغيرهما.

ثم هاجر النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة، وأهل الشرك لم يزالوا بها، ومنعوا رسول الله وأصحابه من دخولها -بالوحي- وقاتلوهم ببدر، وأحد، والخندق، وهم كانوا من آخر العرب دخولًا في الإسلام، حاشا من هاجر، وكل هذا بعد نزول الوحي.

ونحن -بحمد الله- لا ننكر فضل الحرمين، بل ننكر على من أنكره، ولكن نقول: الأرض لا تقدس أحدًا، وإنما يقدس المرء عمله، فالمحل الفاضل قد يجتمع فيه المسلم والكافر، وأهل الحق وأهل الباطل، كما تقدم، فأهل الحق يزدادون بالعمل الصالح، في المحل الفاضل، لكثرة ثوابه؛ وأهل الباطل لا يزيدهم إلا شرًا، تعظم فيه سيئاتهم، كما قال تعالى في حرم مكة: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (٤).

فإذا كان هذا الوعيد في الإرادة، فعمل السوء أعظم، فالمعول على الإيمان


(١) سورة الأنعام، الآية (٦٦).
(٢) سورة الأنعام، الآية (٢٦).
(٣) سورة الأنعام، الآية (٣٣).
(٤) سورة الحج، الآية (٢٥).

<<  <   >  >>