للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلك وكل هذه بدعة في الدين، ومنكر يخالف الشرع، ولا سيما وأكثر من يسمى بهذا فاسق أو ظالم أو جاهل لا يعرف الدين، بل لو كان ذلك على حقيقة لكره؛ لما فيه من التزكية، فكيف وهو بعيد من المجاز فضلًا عن الحقيقة؟ قال أبو عبد الله القرطبي -رحمه الله- في كتابه شرح أسماء الله الحسني: قد دل الكتاب والسنة على المنع من تزكية الإنسان نفسه ثم قال: قال علماؤنا ويجري هذا المجرى ما قد كثر في الديار المصرية وغيرها من بلاد العراق والعجم من نعتهم أنفسهم بالنعوت التي تقتضي التزكية والثناء: كزكي الدين، ومحيي الدين، وعلم الدين وشبه ذلك. انتهى، وقد قال الله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (١). فإذا قال: محيي الدين، أو ناصر الدين ونحو ذلك فلا بد وأن يسأل يوم القيامة: هل هو صادق في وصفه أو كاذب؟ ولو كان ذلك جائزًا لسبق إليه المتقدمون، فلقد كان في الصحابة من نصر الله به الدين حقًا، وأعز به الدين يقينًا، وأيد الله به الذين بشهادة الله ورسوله، وما لقبوه بهذه الألقاب، ولا عدل بهم عن الأسماء والكني، فكيف يلقب بهذا من هو متصف بأضداد ذلك؟!

وقد حكى ابن الحاج عن النووي رحمه الله أنه كان يكره أن يلقب بمحيي الدين كراهة شديدة؛ قال: وقد وقع في بعض الكتب المنسوبة إليه أنه قال: إني لا أجعل أحدًا في حل ممن يسميني بمحيي الدين. قال: وقد رأيت بعض الفضلاء من الشافعية من أهل الخير والصلاح يقول إذا حكى شيئًا عن


(١) سورة ق، الآية (١٨).

<<  <   >  >>