والقرآن الكريم ليس معجزة عقلية فحسب، ولكنه معجزة متعددة الجوانب في فنون المعرفة وأساليب مخاطبة الإنسان من ناحية فكره ووجدانه، ومن ناحية التاريخ، والحكمة، والمعجزة، والغيبيات.
فلا تناقض في أسلوب المعرفة الإِسلامي بين النقل والعقل؛ إذ إن النقل في حقيقته هو (القرآن والسنة)، وهما مصدران ربانيان لا يتصل بهما الزيف، وهذا يختلف عن موقف المسيحية من اللاهوت القديم الذي هو من صنع البشر.
وهذا المفهوم وحده الجامع بين النقل والعقل هو الذي أعطى المسلمين -دون غيرهم من الأمم- القدرة على تقديم منهج التجريب الإِسلامي، ومناهج المعرفة وسنن الحضارات والأمم" (١).
قال الأستاذ عمر محمد أبو عمر: "هذه لفظة لم ينطقها أحد من الأوائل نابزًا بها غيره، إنَّما كان الأئمة يسمون أهل البدع أهل الأهواء، نعم يحاول المبتدعة تسمية ما هم عليه بالعقلانية، وأن أدلتهم هي أدلَّة العقول البرهانية، ولكن هيهات أن تنطلي هذه الشعارات على الخبير الخريت بمسالك النَّاس في تزوير الشعارات وقلب الأسماء والألقاب، ثمَّ كيف يكون العقل بدعة، وهو حجَّة الله تعالى على خلقه، وهو مناط التكليف الذي لا تصح عُبَادَة قلبية أو عملية إلَّا به، لكن تكرير أهل البدع أنَّهم يتابعون العقل وأدلته، وأنهم يقفون معه ويرجعون إليه جعل بعض أهل العلم والسنة ينكر هذا الدَّليل، بل يُتَابَعُ هذا الإنكار بالحط من قيمة هذا
(١) "أسلمة المناهج والعلوم .. "، أنور الجندي، (ص ١٦٧). وانظر: "الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة" إصدار الندوة العالمية للشباب الإِسلامي، (٢/ ٨٠٦).