للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على أن اشتراك رأي الأمة في شؤون المملكة ليس جائزًا فقط، بل هو القاعدة الأساسية في الإسلام.

أقول: من قبل أن أعلم هذا التقرير، كنت أعلم قول الغزالي: "فالإمام من انعقدت له البيعة من أكثر الخلق، والمخالف للأكثر باغ يجب ردّه إلى الانقياد إلى الخلق" (١).

ويقول ابن نجيم: "إذا كان فعل الإمام مبنيًا على المصلحة فيما يتعلق بالأمور العامة، لم ينفذ أمره شرعًا إلا إذا وافق الشرع، فإن خالفه لم ينفذ، ولهذا قال الإمام أبو يوسف -رحمه الله- في كتاب الخراج من باب إحياء الموات: وليس للإمام أن يخرج شيئًا من يد أحد إلا بحق ثابت معروف" (٢).

هذه أقوال العلماء الذين مضى على أكثرهم قرون، ولا يستطيع د. زكريا القول بأنهم تأثروا بالغرب تأثر خالد محمد خالد، ولا يستطيع حسين أحمد أمين أن يقول عن القنصل البريطاني: إنه أراد أن يصدم مشاعر قومه، أو انه أراد أن يظهر بمظهر الكاتب الحر، ولا أنه كتب ذلك طمعًا في نفط العرب، كما قال عمن كتبوا صادقين عن سيرة الرسول وحقيقة الإسلام، فليست كتابة القنصل البريطاني ترجمة عن نبي الإسلام أريد بها البحث العلمي … إنما تقرير رسمي قدمه دبلوماسي إلى دولته، وشهادة بالواقع الذي رآه، وشهادة بما علم.


(١) إحياء علوم الدين، ١/ ١٢٠.
(٢) الأشباه والنظائر لابن نجيم، ص ١٢٤.

<<  <   >  >>