أربعين مرة، فخطر فى قلبى: أن زر شيخك الجنيد، فانحدرت إلى بغداد، فلما جئت الحجرة التى هو فيها طرقت الباب، فقال لى: ادخل يا أبا عمرو، أتذنب بالرحبة، ونستغفر لك ببغداد؟ (١).
وقال لى أبو محمد الجريرى: كنت واقفا على رأس الجنيد فى وقت وفاته وكان يوم جمعة ويوم نيروز، وهو يقرأ القرآن. فقلت له: يا أبا القاسم، ارفق بنفسك فقال: يا أبا محمد ما رأيت أحوج إليه منى فى هذا الوقت. وهو ذا تطوى صحيفتى.
وقال الخلدى: رأيت الجنيد فى النوم، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: طاحت تلك الإشارات، وغابت تلك العبارات، وفنيت تلك العلوم، ونفدت تلك الرسوم. وما نفعنا إلا ركيعات كنا نركعها فى الأسحار.
وأنبأنا الجوهرى أخبرنا محمد بن المنادى قال: مات الجنيد ليلة النيروز.
ودفن من الغد. وكان ذلك فى سنة ثمان وتسعين ومائتين.
[١٥٨ - جهم العكبرى.]
صحب إمامنا أحمد وبشرا الحافى.
قال جهم: أتيت يوما أحمد بن حنبل. فدخلت عليه، وهو متشح، قال: فوقع أحد عطفي إزاره عن منكبه. فنظرت إلى موضع الضرب. فدمعت عينى. ففطن أحمد، فرد الثوب إلى منكبه. قال: ثم صرت إلى بشر بن الحرث فحدثته الحديث. فقال لى: ويحك، إن أحمد طار بخطامها وعنانها فى الإسلام.
[باب الحاء]
[١٥٩ - الحسن بن أحمد بن أبى الليث الرازى.]
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: دفعت إلى أحمد بن حنبل رقعة من الحسن بن الصباح، فيها مسألة
(١) فى الصحيح عن عائشة ﵂ «من زعم أن محمدا ﷺ كان يعلم الغيب فقد أعظم على الله الفرية»