فى المنزل، فدقّ داق الباب. قال لى: أخرج، فانظر من بالباب. قال: فخرجت فإذا امرأة، قالت لى: استأذن لى على أبى عبد الله - يعنى أباه - قال: فاستأذنته.
فقال: أدخلها. فدخلت فجلست، فسلمت عليه، وقالت له: يا أبا عبد الله أنا امرأة أغزل بالليل فى السراج، فربما طفئ السراج فأغزل فى القمر، فعلىّ أن أبين غزل القمر من غزل السراج؟ قال: فقال لها: إن كان عندك بينهما فرق فعليك أن تبينى ذلك. قال قالت له: يا أبا عبد الله، أنين المريض شكوى؟ قال:
أرجو أن لا يكون شكوى، ولكنه اشتكاء إلى الله. قال: فودعته وخرجت.
قال فقال لى: يا بنى ما سمعت قط إنسانا يسأل عن مثل هذا. اتبع هذه المرأة، فانظر أين تدخل؟ قال: فاتبعتها. فإذا هى قد دخلت إلى بيت بشر بن الحارث، وإذا هى أخته. قال: فرجعت، فقلت له. فقال: محال أن تكون مثل هذه إلا أخت بشر
وقال أبو عبد الله القحطبى: كانت لبشر أخت صوامة قوامة. وقال بشر:
تعلمت الورع من أختى. فإنها كانت تجتهد أن لا تأكل ما للمخلوق فيه صنع
وقالت زبدة أخت بشر: دخل بشر علىّ ليلة من الليالى. فوضع إحدى رجليه داخل الدار والأخرى خارج. وبقى كذلك يتفكر حتى أصبح. فلما أصبح قلت له: فيما ذا تفكر طول ليلتك؟ فقال: تفكرت فى بشر النصرانى، وبشر اليهودى، وبشر المجوسى، ونفسى واسمى بشر. فقلت: ما الذى سبق منك إليه، حتى خصك؟ فتفكرت فى تفضله على أن جعلنى من خاصته. وألبسنى لباس أحبابه (١).
[٥٧٥ - عباسة بنت المفضل.]
زوجة إمامنا أحمد، وأم ابنه صالح. كان أحمد يثنى عليها. وسمعت منه أشياء. وماتت فى حياته.
(١) قال الله سبحانه (٣٢:٥٣ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ. هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى) وصح أن الصحابة كانوا يخافون على أنفسهم النفاق. ويقول قائلهم: من أمن النفاق فهو منافق