الكلابى، وعن الأموى، وأبى عمرو الشيبانى، والكسائى، والفراء. وروى الناس من كتبه المصنفة بضعة وعشرين كتابا. فى القرآن، والفقه، وغريب الحديث، وغريب المصنف، والأمثال، ومعانى الشعر، وغير ذلك. وبلغنا أنه كان إذا ألف كتابا أهداه إلى عبد الله بن طاهر، فيحمل إليه مالا خطيرا، استحسانا لذلك.
وقال الفسطاطى: كان أبو عبيد مع ابن طاهر. فوجه إليه أبو دلف يستهديه أبا عبيد مدة شهرين، فأنفذ إليه أبا عبيد، فأقام شهرين. فلما أراد الانصراف وصله أبو دلف بثلاثين ألف درهم. فلم يقبلها، وقال: أنا فى جنبة رجل ما يحوجنى إلى صلة غيره، ولا آخذ ما فيه علىّ نقص. فلما عاد إلى ابن ظاهر وصله بثلاثين ألف دينار، بدلا مما وصله به أبو دلف. فقال له: أيها الأمير، قد قبلتها منك، ولكن قد أغنيتنى بمعروفك وبرك، وكفايتك عنها. وقد رأيت أن أشترى بها سلاحا وخيلا، وأوجه بها إلى الثغر، ليكون الثواب متوافرا على الأمير، ففعل.
ولما عمل أبو عبيد كتاب غريب الحديث عرضه على عبد الله بن طاهر فاستحسنه، وقال: إن عقلا بعث صاحبه على عمل هذا الكتاب لحقيق أن لا يحوج إلى طلب المعاش. فأجرى له عشرة آلاف درهم فى كل شهر.
وقال محمد بن وهب: قال أبو عبيد: كنت فى تصنيف هذا الكتاب أربعين سنة. وربما كنت أستفيد الفائدة من أفواه الرجال، فأضعها فى موضعها من هذا الكتاب. فأبيت ساهرا فرحا منى بتلك الفائدة. وأحدكم يجيئنى، فيقيم عندى أربعة أشهر، وخمسة أشهر، فيقول: قد أقمت الكثير.
وقيل: أول من سمع هذا الكتاب من أبى عبيد: يحيى بن معين.
وقال جعفر بن محمد بن على بن المدينى: سمعت أبى يقول: خرج أبى إلى أحمد بن حنبل يعوده وأنا معه، قال: فدخل إليه، وعنده يحيى بن معين - وذكر جماعة من المحدثين - قال: فدخل أبو عبيد القاسم بن سلام، فقال له يحيى بن معين