للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

منها الرد على الجهمية، فيما قرأته على المبارك بن عبد الجبار عن إبراهيم عن عبد العزيز أبو بكر الخلال أخبرنى خضر بن مثنى الكندى قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: قال أبى: بيان ما أنكرت الجهمية: أن الله تعالى كلم موسى. فقلنا لهم: لم أنكرتم ذلك؟

قالوا: إن الله لم يتكلم ولا يتكلم. إنما كون شيئا، فعبر عن الله ﷿، وخلق صوتا فأسمع.

وزعموا أن الكلام لا يكون إلا من جوف وفم وشفتين ولسان.

فقلنا: هل يجوز لمكون أو غير الله أن يقول لموسى: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنَا فَاعْبُدْنِي﴾، أو ﴿إِنِّي أَنَا رَبُّكَ﴾؟ فمن زعم كما زعمت الجهمية: أن الله كون شيئا، كان يقول ذلك المكون: ﴿يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ﴾ لا يجوز أن يقول:

إنّي أنا الله رب العالمين. وقال الله تعالى ﴿وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً﴾ وقال ﴿وَلَمّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ﴾ وقال ﴿وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي﴾ وقال ﴿إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي﴾.

فهذا منصوص القرآن.

وأما ما قالوا: إن الله لم يتكلم ولا يتكلم. فكيف بحديث الأعمش عن خيثمة عن عدى بن حاتم الطائى قال: قال رسول الله «ما منكم من أحد إلا وسيكلمه الله، ليس بينه وبينه ترجمان»

وأما قولهم: إن الكلام لا يكون إلا من جوف وفم وشفتين ولسان: أليس قال الله تعالى للسماوات والأرض (أئتيا طوعا أو كرها قالتا: أتينا طائعين) أتراها أنها قالت بجوف وشفتين ولسان؟ والجوارح إذا شهدت على الكفار، فقالوا (لم شهدتم علينا؟ قالوا: أنطقنا الله الذى أنطق كل شئ) أتراها أنها نطقت بجوف وفم ولسان وشفتين؟ ولكن الله أنطقها كيف شاء. وكذلك تكلم الله كيف شاء، من غير أن يقول جوف ولا فم ولا شفتان ولا لسان. وذكر الرسالة بطولها