والفتاوى والجدل، وغير ذلك من العلوم، مع الزهد والورع، والعفة والقناعة، وانقطاعه عن الدنيا وأهلها، واشتغاله بسطر العلم وبثه، وإذا عته ونشره.
وكان والده أبو عبد الله: أحد شهود الحضرة بمدينة السلام، حضر عنده فى داره: محمد بن صبير، قاضى الإمام الطائع لله، فشهد عنده فى خلافة الطائع لله، ولم نسمع أن أحدا قصده من يشهد بين يديه، فشهد عنده فى داره سواه ولم يكن يومئذ قاضى قضاة، وكان ابن معروف معزولا. وقد أهل ابن صبير لقضاء القضاة، وقد شوهد ذلك فى درج بخط ابن صاحب النعمان، لما ذكر شهود باب الطاق.
وكان جدى أبو عبد الله قد درس على أبى بكر الرازى مذهب أبى حنيفة، وغير خاف محل أبى بكر الرازى، وأن المطيع لله ومعز الدولة خاطباه ليلى قضاء القضاة فامتنع. وكان محل جدى أبى عبد الله منه: أنه مرض مائة يوم، فعاده أبو بكر الرازى خمسين يوما، يعبر إليه من الجانب الغربى بالكرخ، من درب عبدة إلى باب الطاق بالجانب الشرقى، فلما عوفى وحضر عنده فى مجلسه قال له أبو بكر الرازى: يا أبا عبد الله، مرضت مائة يوم، فعدناك خمسين يوما، وذاك قليل فى حقك
وتوفى فى سنة تسعين وثلاثمائة
وكان سن الوالد فى ذلك الوقت: عشر سنين إلا أيام. وكان وصيه رجل يعرف بالحربى يسكن بدار القز. فنقل الوالد السعيد من باب الطاق إلى شارع دار القز، وفيه مسجد يصلى فيه شيخ صالح، يعرف بابن مفرحة المقرئ، يقرئ القرآن، ويلقن من يقرأ عليه العبارات من مختصر الخرقى. فلقن الوالد السعيد.
ما جرت عادته بتلقينه من العبادات، فاستزاده الوالد السعيد. فقال له ذلك الشيخ:
هذا القدر الذى أحسنته. فإن أردت زيادة عليه فعليك بالشيخ أبى عبد الله بن حامد. فإنه شيخ هذه الطائفة، ومسجده بباب الشعير. فمضى الوالد إليه وصحبه