للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَقُولُوا: آمَنّا، وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ؟ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا، وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ)﴾

فلم يخل - جل ثناؤه - أحدا من مكرّمى رسله وأنبيائه، ومقربى أصفيائه وأوليائه، من محنة فى عاجلته دون آجلته، يستوجب بصبره عليها ما أعد له من الدرجات التى قسم مصيره إليها. وجعل سبحانه علماء الأمم الماضين خلفاء أنبيائهم المرسلين، والقوّام بما جاءوا به من الدين، يرحضون عن أحكامه، ويحامون عن حدوده وأعلامه، يدفعون عنه كيد الشيطان، ويحرسونه من الترك والنسيان.

لا يصدهم عن التمسك بالحق، ولا يثنيهم عن التعطف على الخلق: سوء ما به ينالون، توخيا لثواب الله الذى له يطلبون، وفيه يرغبون.

ثم جعل سبحانه علماء هذه الأمة أفضل علماء الأمم قسما، وأوفرهم من الخيرات حظا. أعدّ لهم الكرامات. وقسم لهم المنازل والدرجات، مع ابتلائه سبحانه لمؤمنيهم بالمنافقين، ولصادقيهم بالمكذبين، ولخيارهم بالأشرار، ولصالحيهم بالفجار، وللأماثل الرفعاء بأوضع السفهاء. فلم يكن يثنى العلماء ما يلقونه من الأذى عن القيام بحقوق الله تعالى فى عباده، وإظهار الحق فى بلاده.

ولقد كان الوالد السعيد - نضر الله وجهه - ممن سلك به هذه الطريق، عند ما ابتلى به من أذية هذا الفريق، وقد قال رسول الله «طوبى للغرباء، طوبى للغرباء. قيل: يا رسول الله، من الغرباء؟ قال: ناس صالحون قليل، بين ناس سوء كثير. من يبغضهم أكثر ممن يطيعهم» رواه عبد الله ابن عمرو .

ومن تظاهر بانكار البدع: فسبيله أن يصبر على أذية المخالفين، محتسبا عند الله ﷿. وقد روى أبو هريرة قال: قال رسول الله «المؤمن موكل به أربعة: مؤمن يحسده، وفاسق يبغضه، وكافر يقاتله، وشيطان يكيده».