وكان الوالد السعيد - نور الله ضريحه - قد اجتمع فيه ما رواه ابن عباس.
قال: قيل «يا رسول الله، أى مجلسنا خير؟ قال: من ذكّركم بالله رؤيته، وزاد فى عملكم منطقه. وذكركم الآخرة بعلمه»
وهذا بعض مناقبه وفضائله، وما هو شائع له بين الناس من زهده وعلمه أكثر فأغنانا عن أن نسطره. ولولا أن أكثر من رآه وعاصره، وحضر مجلسه وناظره قد درج وانقرض: لما ذكرنا هذه الشذرات من مناقبه، إذ كانت تتضمن مدحنا، والإنسان لا يمدح نفسه.
ولعل ناظرا فى هذا الذى أوردناه وسطرناه، يقول: كيف استجاز مدح والده على لسانه، وهو الأصل. ومدح الأصل مدح للفرع؟
فنقول: إنما حملنا على ذلك كثرة قول المخالفين، وما يلقون إلى تابعيهم من الزور والبهتان، ويتخرصون على هذا الإمام من التحريف والعدوان. وكان لنا فى ذلك رخصة، قد سبق إليها الأنبياء والأولياء رضوان الله عليهم وسلامه.
فقد قيل: إذا اضطر الإنسان إلى مدح نفسه فلا بأس بذلك. قال الله تعالى فى قصة يوسف الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الخليل ﵈(٥٥:١٢ ﴿قالَ: اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ، إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ)﴾ وقال النبى ﷺ«أنا سيد ولد آدم ولا فخر، ولواء الحمد بيدى يوم القيامة ولا فخر»
قيل: فى معناه قولين، أحدهما: يعنى ولا فخر أعظم من هذا. وقيل: أنا أعلمكم بالله وأخشاكم له.
وروى عن بعض أصحابه نحو هذا الكلام من المدح للنفس فى بعض المواضع التى احتاج فيها إلى ذلك.
فروى أن أمير المؤمنين عثمان بن عفان ﵁ قال للخارجين عليه - حين ادعوا عليه ما هو برئ منه - فقال لهم عثمان: «لولا أنكم قلتم، لما قلت.