أخبرنى من أثق به من أصحابى: أنه كان لبعض أهله صبى صغير، وأنه ظهر به وجع فى حلقه ورقبته، وخافوا على الصبى منه، وأنه أخذه وحمله إلى هذا الشيخ الصالح أحمد ﵀. فقرأ شيئا عليه من القرآن، ونفث عليه من ريقه فزال ما كان بالصبى بإذن الله تعالى بعد يوم أو يومين. ولم يحتج إلى علاج بعد هذا
وكان هذا الشيخ ممن نفعه الله تعالى بصحبة الوالد السعيد.
وكان متواضعا، يحمل ما يحتاج إليه من الخبز وغيره من حوائجه بنفسه، ولا يستعين بأحد ممن يعرفه، مسارعا إلى قضاء حوائج المسلمين عند الناس أجمعين.
وحج مرارا. وزار النبى ﷺ.
فلما كان فى شوال من سنة ثلاث وخمسمائة: خرج عازما على الحج. فبلغنا فى يوم الأحد ثامن عشر المحرم من سنة أربع وخمسمائة أنه وصل إلى عرفات يوم الثلاثاء ثامن ذى الحجة من سنة ثلاث وخمسمائة. وكان قد وقع عن الجمل فى الطريق دفعتين. وكان معه بقية ألم من الوقوع، وأنه شهد عرفة محرما يوم الأربعاء. فتوفى عشية ذلك اليوم على جبال عرفات (١) محرما. فحمل إلى مكة وطيف به حول البيت. ودفن فى يوم النحر. وهو يوم الخميس بمقبرة أهل مكة عند قبر الفضيل بن عياض الزاهد.
فكفاك بهذه الوفاة فضيلة وشرفا.
فلما صح ذلك عندنا: حصل النداء عليه، وخصوا المسجد الجامع للصلاة عليه صلاة الغائب. فحضر الناس وأصحاب دولة الإمام المستظهر بالله أمير المؤمنين، أدام الله توفيقه. وتقدم بعض أصحاب الوالد السعيد إماما للصلاة عليه. وصليت أنا عليه فى مسجدى بباب المراتب لعذر. وصلّى معى جماعة. وكذلك صلّى عليه فى المسجد الجامع من الجانب الغربى.
وحكى لى أنه كان إذا حج زار القبور بمكة، ويجئ إلى عند قبر الفضيل
(١) عرفة وادى. وليس بجبال. وإنما الجبال حول الوادى الذى يكون به الموقف