ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: ١٠٥] وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه يوشك أن يعمهم بعقاب".
٤ - انتشار الباطل: وقد حصلت هذه الشبهة لأقوام سالفين قص الله لنا من أخبارهم: {وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (١٦٤) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (١٦٥)} [الأعراف: ١٦٤ - ١٦٥].
والآية الكريمة تشير إلى أن أهل القرية صاروا ثلاث فرق: فرقة ارتكبت المعاصي، وفرقة أنكرت عليهم ووعظتهم، وفرقة سكتت عنهم فلم تفعل ولم تنته.
٥ - لا يكلف الله نفسا إلا وسعها: يتعلل البعض بأن الدعوة إلى الله تسبب له تعبا لا يستطيع تحمله، وهذه حجة الضعفاء رقيقي الدين، فالتعب ينال العبد في حصوله على ربح مادي، فأولى بهم أن يتحملوا شيئا من التعب في الدعوة إلى الله {إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ}[النساء: ١٠٤] وقد جاء أن أبا سفيان ومن معه من المشركين عزموا على الخروج إلى المدينة من غزوة أحد، فأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بلالا أن ينادي أن رسول الله يأمركم بطلب عدوكم ولا يخرج معنا إلا من شهد القتال أمس.
فخرج سعد بن معاذ من داره يأمر قومه بالمسير وكلهم جرحى.
وخرج أسيد بن حضير وبه سبع جراحات، وقال: سمعا وطاعة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وخرج من بني سلمة أربعون جريحا، وخرج الطفيل بن عمرو وبه ثلاثة عشر جرحا، وبالحارث بن الصمة عشر جراحات، فقال الرسول:"اللهم ارحم بني سلمة".
٦ - ليس عندي وقت: الدعوة ليس لها وقت محدد بل في كل الأوقات كقول نوح: {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (٥)} [نوح: ٥].
وكما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في طريق الهجرة؛ إذ لقى في الطريق بريدة بن الحصيب الأسلمي في ركب من قومه فدعاهم إلى الإسلام فأسلموا .. ويوسف عندما دخل السجن لم يشغله سجنه عن الدعوة إلى الله:{يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}[يوسف: ٣٩].