للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا يركب السيارة من دماء آبائك وأجدادك .. وسيأتي عليك اليوم الذي تأخذها منه بالثورة الكبرى التي بدأت وستستمر .. إننا الآن نهيئها في "فارط" ونعمل لها، وإننا نهيئها في الكويت ونعمل لها، وستكون قائدًا من قوادها، وبينما أنا أسمع هذا الكلام أحس أن الفراغ في قلبي بدأ يمتليء بشيء .. لأنك إن لم تشغل قلبك بالرحمن أشغله الشيطان، فالقلب كالرحى .. يدور .. فإن وضعت به دقيقًا مباركًا أخرج لك الطحين الطيب .. وإن وضعت فيه الحصى أخرج لك الحصى، ويقدر الله بعد ثلاثة شهور أن نلتقي برئيس الخلية الذي ذهب إلى مصر وغاب شهرًا ثم عاد. وفي تلك الليلة أخذوا يستهزئون بأذان الفجر .. كانت الجلسة تمتد من العشاء على الفجر .. يتكلمون بكلام لا أفهمه مثل "التفسير المادي للتاريخ" "والاشتراكيون والشيوعية في الجنس والمال"، ثم يقولون كلامًا أمرره على فطرتي السليمة التي لا تزال .. فلا يمر .. أحس أنه يصطدم ويصك .. ولكن الحياء يمنعني أن أناقش فأسكت، ثم بلغت الحالة أن أذن المؤذن لصلاة الفجر .. فلما قال "الله أكبر" أخذوا ينكتون على رسول الله، وهنا بدأ الانفعال الداخلي والبركان الإيماني الفطري يغلي، وإذا أراد الله خيرًا بعبده بعد أن أراه الظلمات يسر له أسباب ذلك .. إذ قال رئيس الخلية: لقد رأيت الشيوعية الحقيقية في لقائي مع ( ... ) بمصر هو الوحيد الذي يطبقها تطبيقًا كاملاً، فقلت: عجبًا .. ما علامة ذلك؟!! قال: إذا خرجنا في الصباح الباكر عند الباب فكما أن زوجته تقبله تقبلني معه أيضًا، وإذا نمنا في الفراش فإنها تنام بيني وبينه .. وهكذا يقول .. والله يحاسبه يوم القيامة .. فلما قال ذلك نزلت ظلمة على عيني وانقباض في قلبي، وقلت في نفسي: أهذا فكر؟!! أهذه حرية؟!! أهذه ثورة؟!! لا ورب الكعبة إن هذا كلام شيطاني إبليسي!! ومن هنا تجرأ أحد الجالسين فقال له: يا أستاذ ما دمت أنت ترى ذلك، فلماذا لا تدع زوجتك تدخل علينا نشاركك فيها؟ قال: إنني ما أزال أعاني من مخلفات البرجوازية وبقايا الرجعية وسيأتي اليوم الذي نتخلص فيه منها جميعًا ..

ومن هذه الحادثة بدأ التحول الكبير في حياتي إذ خرجت أبحث عن رفقاء غير أولئك الرفقاء .. فقدر الله أن ألتقي بإخوة في "ديوانية" كانوا يحافظون على الصلاة .. وبعد صلاة العصر يذهبون إلى ساحل البحر ثم يعودون .. وأقصى ما يفعلونه أنهم يلعبون "الورقة"، ويقدر الله أن يأتي أحدهم إليَّ ويقول: يا أخ أحمد، يذكرون أن شيخًا من مصر اسمه "حسن أيوب" جاء إلى الكويت ويمدحون جرأته وخطبته، ألا تأتي معي؟ قالها من باب حب

<<  <  ج: ص:  >  >>