وقال أبو بكر الكتاني: يحبني رجل وكان على قلبي ثقيلاً، فوهبت له شيئًا بنية أن يزول ثقله من قلبي فلم يزل، فلخوت به يومًا وقلت له: ضع رجلك على خدي فأبى، فقلت له: لابد من ذلك، ففعل ذلك فزال ما كنت أجد في باطني.
وعن أبي قلابة قال: إذا بلغك عن أخيك شيء تكرهه فالتمس له العذر جهدك، فإن لم تجد له عُذرًا فقل في نفسك: لعل لأخي عذرًا لا أعلمه.
وقال الربيع بن سليمان: دخلت على الشافعي وهو مريض، فقلت له: قوى الله ضعفك، فقال: لو قوى ضعفي قتلني، فقلت: والثه ما أردت إلا الخير، قال: أعلم أنك لو شتمتني لم تُرد إلا الخير.
وقال أبو معاوية السود: إخواني كلهم خير مني.
قيل: وكيف ذلك؟
قال: كلهم يرى لي الفضل عليه، ومن فضلني على نفسه فهو خير مني، ومهما رأى الفضل لنفسه فقد احتقر أخاه، وهذا في عموم المسلمين مذموم.
هل تحسن الظن بأخيك؟
١٣ - النصيحة
روى أحد التابعين: سمعني شريح القاضي وأنا أشتكي بعض ما غمني لصديق، فأخذني من يدي وانتحى بي جانبًا، وقال: يا ابن أخي، إياك والشكوى لغير الله عز وجل، فإن من تشكو إليه لا يخلو أن يكون صديقًا فتحزنه، وإما عدوًا فيشمت بك، ثم قال: انظر إلى عيني هذه -أشار إلى إحدى عينيه-، فوالله ما أبصرت بها شخصًا ولا طريقًا منذ خمس عشرة سنة، ولكني ما أخبرت أحدًا إلا أنت في هذه الساعة، أما سمعت قول العبد الصالح:{إنًّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}[يوسف: ٨٦]، فاجعل الله عز وجل مشكاك ومحزنك عند كل نائبة تنوبك، فإنه أكرم مسئول وأقرب مدعو.
وقد رأى ذات يوم رجلاً يسأل آخر شيئًا فقال له: يابن أخي من سأل إنسانًا حاجة فقد عرض نفسه على الرق، فإن قضاها له المسئول فقد استعبده بها، وإن