ومال الألباني في "الصحيحة" (١٢٥٠) إلى تحسينه بحديث أبي ذر ﵁ التالي، وفيه نظر، لما سيأتي إن شاء الله. أخرجه أحمد (٣٥/ ٢٢٨، رقم ٢١٣٠٢)، و (٣٥/ ٣٧٥، رقم ٢١٤٧١)، والحارث بن أبي أسامة ["بغية الباحث" (٢/ ٦٠٣)، رقم (٥٦٦)]، والبزار (٩/ ٣٨٦)، رقم (٣٩٧٢)، وأبو يعلى ["إتحاف الخيرة" (٤/ ٤٥٩)، رقم (٣٩٣٣/ ٢)] والطبراني في "الأوسط" (٦/ ١١٩)، رقم (٥٩٧٧)، وابن عدي (٣/ ١٠٤)، رقم (٦٤٠) وغيرهم من طرق عن ديلم بن غزوان العطار العبدي، عن وهب بن أبي دبي، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن محجن، عن أبي ذر، قال: قال رسول الله ﷺ: "إن العين لتولع الرجل -بإذن الله- حتى يصعد حالقًا ثم يتردى منه". لتولع الرجل: على البناء للمفعول، ونصب "الرجل" على نصب الخافض؛ أي: لتعلق بالرجل، كما قال السندي. قال البزار: "لا نعلم أحدًا رواه عن النبي ﷺ إلا أبو ذر، ولا نعلم له طريقًا عن أبي ذر غير هذا الطريق"، ونحوه قول الطبراني، وقال: "تفرد به ديلم بن غزوان"، وقال ابن كثير في "التفسير" (٨/ ٢٠٢): "إسناده غريب، ولم يخرجوه"؛ يعني: أحمد وأصحاب الكتب الستة. والله أعلم. وحكم العراقي في "طرح التثريب" (٨/ ١٩٨)، والهيثمي في "مجمع الزوائد" (٥/ ١٨٣)، رقم (٨٤٢١) بأن رجاله ثقات، وأعله الألباني في "الصحيحة" (٨٨٩) ومحققو "مسند أحمد" بأن المحجن الراوي عن أبي ذر ﵁ فيه جهالة، سكت عنه البخاري في "التاريخ" (٨/ ٤)، رقم (١٩٣١)، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (٨/ ٣٧٦)، رقم (١٧١٩)، وأشار ابن عدي إلى أنه يحتمل أن يكون الراوي أخطأ فيه، ويكون اسم أبي حرب -وبينه وبين أبي ذر ﵁ انقطاع-، ولم يوثقه غير ابن حبان ذكرًا في "الثقات" (٥/ ٤٤٨)، وقال: "شيخ يروي عن أبي ذر ﵁، روى عنه أبو حرب بن أبي الأسود"، ولذا جهله الحسيني في "الإكمال" (٨٢٤)، ولم يتعقبه ابن حجر في "تعجيل المنفعة" (٢/ ٢٤٤)، رقم (١٠١٣)، ولا أثبت حكمه. وهذا الحديث أقوى من حديث ابن عباس المذكور آنفًا، فإن متنه غير منكر، ويشهد لمعناه سائر أحاديث إثبات تأثير العين، فإن أخذ بيانًا لحديث ابن عباس المذكور، وإلا فبينهما بون شاسع، فإن ذاك بالغ في إثبات العين إلى حد التأثير على الجبل الشامخ العالي، وذا لم يعلم له أثر. والله أعلم.