فهذه الرواية المرسلة تعل الرواية المسندة السابقة عن عروة عن عائشة ﵂، كما أنها تعل الرواية المسندة عن عمرو بن أوس الثقفي عن شيخ من ثقيف سمع النبي ﷺ، وتعل أيضًا سائر الروايات التي فيها: عمرو بن دينار عن عروة مباشرة -كما ورد في الوجه الأخير من الروايات المرسلة كذلك- وإنما يرويه عمرو بن دينار عن رجل عن عروة، كما أن الذهبي في "الميزان" مال إلى تعليل رواية معمر عن عثمان بن أبي سليمان هذا مرسلًا لما تقدم من رواية ابن جريج عن عثمان عن سعيد بن محمد بن جبير عن عبد الله بن حبشي، وإليه يميل قول الطحاوي في "شرح المشكل"، بل ويذهب إلى ترجيح المقطوع عن عروة قوله. وهو ما أخرجه حرب الكرماني في "مسائله" -النكاح، إلخ (٢/ ٩٢١)، والطحاوي في "شرح المشكل" (٧/ ٤٢٥)، والبيهقي، من طريق ثلاثة من الثقات عن أبي أسامة حماد بن أسامة، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن عروة قوله، وقال البيهقي: "فصارت رواية نصر بن علي عن أبي أسامة بهذا معلولة، ويحتمل أن يكون أبو أسامة رواه على الوجهين". ونصر بن علي قد توبعٍ على إسناده من أوجه، كما أنه توبع عليه متابعة قاصرة من ثلاث طرق أخرى أيضًا، والاحتمال الثاني هو الأقرب، فإن محمد بن عبد الرحمن الجعفي -وهو ثقة- رواه عن أبي أسامة على الوجهين، والظاهر أن ابن جريج كان يضطرب فيه، فمرة يرويه مسندًا، ومرة مرسلًا، ومرة ثالثة عن عروة قوله. ولهذا المقطوع طريق آخر: أخرجه الطحاوي في "شرح المشكل" (٧/ ٤٢٧ - ٤٢٨) عن أبي بكر بن الأعين الحافظ، عن علي بن الجعد، عن محمد بن مسلم الطائفي، عن عمرو بن دينار، عن رجل من ثقيف، عن ابن الزبير قوله. قال الطحاوي: "فهذا محمد بن مسلم رده إلى ابن الزبير، وهو فوق إبراهيم بن يزيد الخوزي، ودون ابن جريج"، وقال أيضًا (٧/ ٤٢٥ - ٤٢٦): "ففي هذا الحديث إيقافه على عروة، بغير تجاوز به إياه إلى عائشة، ولا إلى من سواها ممن ذكر في الحديثين الأولين". وكل هذه الأسانيد مسلسلة بالعنعنة بعد ابن جريج ومن في طبقته، وقد أفصح الطحاوي في "المشكل" (٧/ ٤٢٦) عن علة أخرى لرواية عمرو بن دينار، فقال: "فيه شيء ذكره لنا روح [بن الفرج]، قال: سمعت حامد [بن يحيى] يقول: ذكرت هذا =